من رفقة النضال الى التخوين

Thursday, 07/01/2010, 12:00

2053 بینراوە


بقلم نوشيروان مصطفى

الحلقة الثانية

بوش الاب: تحرير الكويت مقابل الفيدرالية لكوردستان!
يقول الطالباني في تقريره:
"الامريكان ابلغوا السكرتير العام للاتحاد الوطني الكوردستاني ,فيما اذا كنتم على استعداد لمعاونةقوات الحلفاء في تحرير الكويت, فانهم بالمقابل سيزودون الكورد بمساعدات سخية من الناحية التسليحية والمادية اضافة الى الى اننا سنضمن ونثبت لكم الفيدرالية في العراق. ولذا قفد طلب السكرتير العام من نوشيروان ان يتدارس هذا الامر مع رفاقه في القيادة وكذلك مع البارتي واعلامه بعدكل ذلك . وكان جواب نوشيروان كالآتي:بانه لايوافق على هذا الرأي ,لان صدام سوف ينسحب من الكويت سلميا واننا نحن من سنتورط في ذلك الحرب ,و بهذا الموقف الخاطئ فانه قد فوت على الكورد فرصة تأريخية, والا فانه بعيد تحرير الكويت كانت الفيدرالية ستثبت في كوردستان خاصة اننا كنا قد حررنا الجزء الاعظم من كوردستان".

كان الطالباني قد سافر الى الخارج قبل بدء عمليات الانفال بثلاثة اشهر , وحتى بعد توقف الحرب العراقية الايرانية ولعدة اشهر كان يماطل دوماويختلق الذرائع الفارغة للبقاء لاطول فترة ممكنة خارج كوردستان.
وبذا فان الطالباني اثناء هجوم الجيش العراقي على الكويت كان متواجدا خارج كوردستان. وبعد احتلال الكويت سافر الى امريكا. ومن هناك طلب رأي برقيا حول ما يتوجب عليه ان يطلب من الامريكان.وانا في الحقيقة قد استحسنت سفره الى هناك واقترحت عليه ان يعمل كل ما بوسعه والذي يخدم هدف مقارعة النظام البعثي ومحاولة اسقاطه,ولكنني حذرته في نفس الوقت بان هناك مسالة مهمة عليه ان ياخذها في الحسبان وهي ان معظم ابناء شعبنا قد تم حشرهم في معسكرات وهم اشبه باسرى حرب,وكذلك فان العديد من رفاقنا يقبعون في سجون البعث , لذا على الطالباني ان ينأى بنفسه عن (التصريحات الصحفية الاستفزازية) , ونحن من جانبنا سنعمل كل ما نقدر عليه, حيث كنا في تلك الاثناء في منطقة (قاسمه رش) , وكنا نعمل بكل جدية على تهيئة انفسنا للانتفاضةحيث كنا نضع الخطط التفصيلية الدقيقة لحشد وتهيئة البيشمركه وايقاد روح الحماس في جماهيرنا في المدن لانجاح الانتفاضة, وقد بعثت برسالة خطية تفصيلية عن مجريات الامور الى ممثل الاتحاد في كرماشان (دانا احمد مجيد) والذي قام بدوره باخبار السوريين حول الامر.
ومما يجدر ذكره هنا ان رئيس الادارة الامريكية بوش الاب في تلك الظروف لم يكن مستعدا للقاء الطالباني ولا اي شخص آخر من المعارضة العراقية,لان هدف الامريكان من ذلك الحرب كان اخراج الجيش العراقي من الكويت وتحريره حصراولم يكن اسقاط النظام البعثي و ازاحة صدام واردا في الاجندة الامريكية آنذاك,لان الامريكان كانوا يعتقدون ان عملا من هذا النوع من شأنه ان يخل بتوازن القوى بين ايران ــ العراق وايران ــ الخليج .
حتى ان كافة احاديث بوش الاب والناطقين باسم البيت الابيض والبنتاكون و وزارة الخارجية الامريكية ايام الهجرة المليونية للكورد,والتي كانت قد هزت الراي العام العالمي واصبحت تطالب وبالحاح ضرورة تدخل دولي لمنع تلك الكارثة الانسانية, الا ان كل هذا لم يغير من موقف الامريكان شيئا وهذا يوضح حقيقة الامر ,وكل من يريد ان يصل الى هذه الحقائق يستطيع وببساطة ان يرجع الى احاديث بوش الاب المؤرشفة حينما قال : "لست مستعدا لارسال حتى جندي امريكي واحد الى مستنقع العراق".
ولو ان الطالباني خلال سفرته الى امريكا قد حاول كثيرا ان يحضى بلقاء المسؤولين الامريكان وحتى انه حاول ارشاءهم سياسيا من اجل ايجاد نوع من التقارب معهم حينما ادلى بتصريح ناري تم نشره في صحيفة (الواشنطن بوست ) مفاده: "اذا كان الرئيس بوش راضيا, فانني مستعد ان ارسل ب10 آلاف من رجالي الى الكويت ليحاربوا الجيش العراقي جنبا الى جنب مع الجيش الامريكي "
واخيرا استطاع الطالباني وعن طريق بعض الصحفيين المعروفين مثل (جوناثان راندال ) ان يلتقي موظفا صغيرا في وزارة الخارجية في احدى المقاهي والذي قال له بصريح العبارة وبدون اي لف ودوران " ان امريكا غير مستعدة في هذا الوقت ان يكون اية علاقة مع المعارضة العراقية "
ان قضية ذلك الوعد الامريكي الذي يتحدث عنه الطالباني هي حكاية مختلقة من قبله لاغير, وهو يهدف من وراءها ان يجتذب عطف مواطني كوردستان لمصلحته الشخصية , ولتبرير واستثمار تلك السفرات الخائبة واعطاءها اهمية لا تستحقها, ولافهام الناس بان الدولة الامريكية ــ حالها حال ادارته السياسية الحالية للعراق ــ هي هكذا عبثية وكيفيةبحيث تستطيع بصورة ارتجالية وحتى بدون موافقة الاجهزة الادارية الامريكية ذات العلاقة ,كالكونجرس ومجلس السينات و لجنة الامن القومي الامريكي ووزارتي الدفاع والخارجية , ان تمنح الطالباني وغيره هكذا وعود كاذبة
والحقيقة هي انه لا الرئيس بوش الاب ولا الرئيس كلنتون من بعده ولا الرئيس بوش الابن ولا حتى الرئيس الحالي اوباما لم يعطوا هكذا وعود لا للطالباني ولا لأي كوردي آخر.
فالرئيس بوش الاب وفريقه الرئاسي في ذلك الحين لا زالوا احياءا يرزقون,وحتى لو رحلوا فان الوثائق المؤرشفة ستبقى محفوظة في المؤسسات المختصة,وان بمقدور اي باحث سياسي او حتى صحفي مختص ان يكشف خبايا حديث الطالباني هذا ويبرز تلك الحقيقة التي مفادها ان هناك اختلافا جليا بين تلك الآلية الطويلة والخطوات القانونية التي يتوجب تقوم بها اية ادارة امريكية لتستطيع ان تمنح اية وعود واموال واسلحة واسناد, وان محاولة تصوير تلك العملية الطويلة والمعقدة وكانها مشابهة بما هو موجود وحاصل في الادارة الكوردية التي تستطيع ان تهب كل ذلك بدون مسوغ قانوني وحتى بدون اطلاع وموافقة البرلمان الكوردستاني ,ما هي الا كذبة كبيرة هدفها التشويش على الرأي العام الكوردي وخداعه ليس الا.
ولو افترضنا جدلا بانه كان تم منحه هكذا وعود فقد كان يفترض ان يتم اطلاع قيادة "الجبهة الكوردستانية " عليها وكان يجب ان يبعث ذلك المقترح بشكل تحريري الى قيادة تلك الجبهة, من اجل الدراسة والتمحيص والموافقة عليه, لان احد البنود التي تم الاتفاق حوله ابان تشكيل الجبهة كان عدم أحقية اي طرف الانفراد باتخاذ القرارات التي تتسم بطابع مصيري ومهم, وخاصة ان مسعود البرزاني في حينه كان المسؤول الاول عن تلك الجبهة في كوردستان والطالباني كان مسؤولا للجبهة لشؤون الخارج, وانا شخصيا لم اطلع على هذه الحكاية الا في ذلك التقرير الاخيرللطالباني, ومن حسن الحظ ان اغلب قادة الجبهة الكوردستانية لا زالوا احياء ويمكنهم ان يؤيدوا او يدحضوا صحة وبطلان ذلك الكلام الذي جاء في التقرير المذكور .

مخلفات الانفال: الترنح والنهوض
يسترسل الطالباني في تقريره
"حدث خلاف رئيسي آخر بيننا ,ابان وقف القتال بين ايران والعراق, في ذلك الاثناء كان سكرتير الكومه له قد فقدالامل تماما بالثورة, وبعد القتال الذي دار في مناطق القيادة فقد انهارت عزيمته نهائيا وترك مصير المنطقة للرفاق الآخرين في القيادة واصبح يتصرف بدون مشاورتهم واخذ رأيهم , وخاصة بعد عمليات الانفال حينما كانت مئات العوائل وآلاف الافرادفي حالة انسحاب وكانوا بامس الحاجة الى العون والارشاد ولكن سكرتير الكومه لة كان ينفرد في قراراته بصورة كيفية وبالنتيجة عمل على شذرمة الثورة وارسال المقربين له من الكوادر الى الخارج وحث باقي البيشمركة الى العودة الى بيوتهم او التوجه الى ايران, وبالاستفادة من صلاحياته الواسعة كونه نائب السكرتير العام حاول التفريط بالثورةو لولا معارضة الرفاق كاك كوسره ت والرفيق جبار فرمان والاخرين من اعضاء القيادةالمناضلين لكان قد اعلن رسميا انتهاء الثورة.
وكنتيجة لهذه السياسة وذلك الاعتقاد لجأ الى رفع شعار اجراء الحوار مع صدام واطلاق الدعايات بعدم امكانية الاستمرار في المقاومة والثورة, ومن اجل كسب ود السكرتير العام ارسلوا الرفيق عمر عبدالله اليه ولكن السكرتير العام لم يؤيد هذا التوجه السياسي ورد عليهم بدعوته المشهورة," باننا سنستمر في النضال لحين اسقاط صدام" . ومن هنا تعمقت الخلافات بين السكرتير العام ونائبه ولم تتبدد جزئيا الا بعد ان قرر المكتب السياسي بعدئذ الاستمرار في النضال باسلوب حرب العصابات . والمطاولة في النضال جنبا الى جنب مع المعارضة العراقية ضد الدكتاتورية وان نقوم نحن بتكوين خلايا مسلحة في المدن والمعسكرات القهرية لاستخدامها وقت الحاجة. لاننا كنا نعتقد بان صدام سوف يفعل فعلته ضد الكويت لا محالة وان امريكا واوروبا سوف تتصديان له. وكانت هذه هي احدى نقاط الخلاف الاخرى مع نوشيروان لانه كان يعتقد بان صدام سوف لن يهاجم من قبل الحلفاء, وحتى بعد احتلاله للكويت كان يعتقد بانه سينسحب منها طواعية. ولذا كان يطالب ببدء الحوار مع صدام, فكان ان بعث برسائل الى صدام بدون استشارة رفاقه او حتى السكرتير العام وحاول ان يباشرذلكولو باساليب ضعيفة للتوصل الى اتفاق هش وضعيف لكي يستطيع ان يستمر في سياسته. في الوقت الذي لم يكن صدام مستعدا حتى بان يعترف باضعف الحلول للقضية , بل انه لم يكلف نفسه بالرد على رسائل نائب السكرتير العام , كل ما كان هنالك هو بعض الاوامر الشفهية من صدام" بان يرجع النادمون الى الصف الوطني" وهذا كان قد عزز الراي القائل بضرورة اسقاط صدام لانه نظام فاشي وشوفيني ولا يريد دوما منح اية حقوق ديمقراطية ".

بدءا اقول:
اذا كان يحق لاي انسان ان يتحدث عن الانفال ومجرياتها كان من الاجدر بالطالباني ان ينأى بنفسه عنها, لانه رغم علمه الاكيد بان جيش صدام العرمرم والذي تم تشكيله خلال الحرب مع ايران كان في طريقه الى كوردستان ولكي ينجو بجلده من ذلك النار المتقد, فانه رتب سفرة مفاجئة كعادته الى ايران ومن هناك طار الى الخارج ولم يرجع الى كوردستان لغاية انتصار الكورد في الانتفاضة وتحرير كامل كوردستان , وبعد رجوعه وحينما تعرضنا للانتكاسة بعد الانتفاضة وبدلا من المقاومة والاستفادة من تلك الظروف الدولية التي اوجدتها الهجرة المليونية , توجه الى بغداد بكل حماس وقبل وجنتي صدام بشكل مزري يدعو الى العار و الخجل,ذلك الامر الذي اصبح الخبر الاكثر شيوعا في وسائل الاعلام العالمية في ذلك الحين, وكان الطالباني والبعض ممن كان يشاطره الرأي يتصورون بانه لم تعد لنا اية حاجة للبيشمه ركة بعد عمليات الانفال , لذا اتخذ من سوريا مرة ثانية مقرا دائما له, وبغرض تخفيف الثقل المادي عليه فانه تخلى عن الجزء الاعظم من البيشمركه وابقى معه عددا قليلا من الكوادر الاعلامية والسياسية والعسكرية.
وفي سوريا ركز جل اهتمامه على العمل الاعلامي واللقاءات الصحفية , ولذا فحينما تشكلت الجبهة الكوردستانية اختار هو لنفسه مسؤولية نشاطات الجبهة الكوردستانية في الخارج , ولكن حينما ارتكب صدام حماقته الكبرى في احتلال الكويت حينئذ فقط ساوره الظنون ان يفكر باعادة تجميع وتهيئة قوات البيشمه ركه من جديد.
على الرغم من انني اؤمن دوما بانه جنبا الى جنب مع العمل المسلح والصراع العنيف فانه من الممكن ايضا ان يكون الحوار اللبق والنقاش السياسياسلوبا آخر لحلحلة القضايا السياسية وتأجيل الصراعات الدموية قدر الامكان ,ولكنني وطيلة حياتي لا في ذلك الوقت ولا قبله ولا بعده لم اراسل صدام حسين ابدا , ولا حتى اي مسؤول بعثي آخر من اي مستوى كان. في الوقت الذي من الممكن ان الطالباني قد كتب العشرات من الرسائل وبخط يده وتوقيعه الشخصي الى صدام حسين واشقاءه برزان وسبعاوي والى عزت الدوري والاخرين من المسؤلين البعثيين , وبعيد سقوط النظام واثر تعرض الكثير من الوثائق الرسمية الحكومية لعمليات النهب فان الكثير من تلك الوثائق قد اصبحت في ايدي جهات واجهزة ودول مختلفة وسياتي حتما اليوم الذي ستكشف عنها وترى النور .
بعد عمليات الانفال ولاكثر من عشرين شهرا كنت متواجدا في الحدود في مناطق قاسمه رش ونوكان وشيني, وكان باستطاعتي ان اغادر الى اية دولة اوروبية وارتاح كما فعل الطالباني ومنها ادلي باحاديث كبيرة وبراقة فالكلام ليس عليه كمرك كما يقال وابيع البطولات الفارغة على رفاقي, ولكنني لم افعل كل هذا بل فضلت البقاء مع رفاق دربي واخواني الذين جمعني واياهم خندق واحد , ومع شعبي ومواطني كوردستان المنكوبين , وكان دافعي الوحيد حبي لامتي ووطني لان كل من له اطلاع بتلك الظروف الصعبة يعرف بانه لم يكن هناك ثمة مكاسب مادية او سعادة دنيوية متوقعة يجعل الانسان يتحمل كل تلك الظروف البالغة الصعوبة والخطورة ولكن وبغياب (سيادة السكرتير العام ) استطعنا مع المخلصين من رفاقنا ان نؤسس الخطوات الجادة لاستراتيجية عمل المرحلة الجديدة على الاسس الاربعة التالية :
1: العمل التنظيمي ــ السياسي .
2: انشاط الاعلامي .
3: العمل العسكري .
4: العمل الدبلوماسي .
"بغياب السكرتير العام " في تلك الفترة قمنا بتشكيل الجبهة الكوردستانية , ولاول مرة في تأريخ الثورات الكوردية استطعنا ان نشيد الاساس المتين للعلاقات الحميمة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني , وبقية الفصائل الكوردستانية , والتي انعكست بشكل ايجابي لاحقا في صفحات الانتفاضة , والهجرة المليونية , والمفاوضات والتجربة الاولى في الحكومة الكوردية .
" بغياب السكرتير العام " استطعنا ان نؤمن الحد الادنى لمعيشة مقاتلينا البيشمه ركة , من غير ان يستطيع حضرته ان يؤمن لنا اية مصادر مالية , ولم نسمح بان تكون هناك فروقات طبقية بين مستوى معيشة الكوادر والمناضلين وافراد البيشمه ركة .
"بغياب السكرتير العام "لم نسمح للجهاز الاعلامي ان يتعطل ابدا . واصبحت اذاعة صوت كوردستان المصدر الاكثر وثوقا وذيوعا في ايصال الاخبار وتوعية وتنظيم اوسع الجماهير , وكانت "الشرارة " العربية , "وريبازي نوي" الكوردية تطبع وتنشر كل شهر .
"في غياب السكرتير العام " استطعنا ان نعيد تنظيم القوات المسلحة :

12 بتاليون من القوات الشبه النظامية على الحدود.
520 محارب عصابات في طول وعرض كوردستان .
120 كادرا عسكريا من جيش تحرير كوردستان في المدن والمجمعات
الاجبارية .
7000 عنصر منضمين الى الخلايا المسلحة لتنظيمي( شالاو و بروسك ).
عدة آلاف من العناصر المساندة من اللاجئين الكورد في ايران .
وفي كل الميادين الاربعة المذكورة آنفا استطعنا وبكل نجاح تحقيق كل مهام"استراتيجية المرحلة الجديدة " , وخلال ايام حرب الخليج الثانية توفقنا في تغيير معادلة "انتكاسة الانفال " الى "انتصار الانتفاضة "

فنحن في "غياب السكرتير العام "انجزنا كل هذه المهام , فماذا انجز هو ؟؟؟؟؟
الى الحلقة الثالثة يوم غد


ترجمة صفوت جلال الجباري


نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە