كي لا تضيع الفرصة القضية الكردية مشكلة تركيا الرئيسة

Wednesday, 01/07/2009, 12:00

4075 بینراوە


فائق جميل يختلف الحزب العمال الكردستاني المعروف ب pkk--عن معظم الأحزاب الكردستانية من حيث النهج والبرنامج السياسي واسلوب التعامل مع المسألة الكردية بوجه عام . من المعروف بان البرنامج الذي يحمله هذا الحزب ويقدم من أجل تحقيقه تضحيات جسام في أكثر من ميدان لما يزيد من العقدين من الزمن - لا يتفق مع الواقع السياسي للشعب الكردي في تركيا من جهة و الاهداف التي يناضل من اجلها الكرد في هذة الحقبة من التأريخ في بقية اجزاء كردستان من جهة أخرى ، فان تشكيل دولة كردسنان الكبرى من خلال تحرير كردستان الملحقة بتركيا في هذا العهد وفي المستقبل المنظوركذلك لا يعد الا هرطقة فكرية كما هو مراهقة سياسية بحذافرها اما من حيث الاساليب التي يتخذها الحزب فيما يقارع الحكومات التركية المتعاقبة وقواها المسلحة -- منها ما يتسم بكثير من القسوة والعنف باتت تخرج من نطاق المفاهيم النضالية والانسانية -- التي من المفروض أن يرتكز عليها الحزب في مسعاه لنيل الشعب الكردي حقوقه القومية والديمقراطية مما حدى ببعض المنظمات و الدول أن تدرج الحزب ضمن قوائم المنظمات الارهابية مما أفقده الكثير من التأييد والتعاطف معه ومع قضيته القومية العادلة .
غير أنه ونحن في هذا السياق فان الكثير من المراقبين وخبراء السياسة بالاضافة الى قيادي الحزب وكوادرهم المتقدمة يبررجانبا من العنف الممارس الذي يتصف به الحزب بشكل عام -- بأنه رد فعل طبيعي لما تربت عليه الترسانة العسكرية التركية من الغطرسة العنصرية والاستخفاف بالشعب الكردي وكيانه القومي ولما تنال البنية التحتية المتواضعة للمنطقة الكردية -- التي تسميها الحكومة التركية واجهزة اعلامها ب ( جنوب شرق البلاد ) -- من الدمار والتخريب ناهيك عن الفتك والقتل من دون الرادع والضمير والاعتبارات الانسانية طوال انبثاق الحركة الكردية المسلحة .
. هذا و مما يؤخذ عن الحزب من حيث -- تشكيلة القيادة -- فانها تفتقر الى الكثير من الاسس الديمقراطية حيث كان ( عبدالله أوجلان ) يجمع كل كيان الحزب في ذاته مما جعله منفردا بقراراته مستبدا في نوازعه -- مما اضفى عليه ذلك الكثير من الغرور الذى بدا واضحا من تصرفاته غير المتزنة عندما كانت تجري المحاولات لالقاء القبض عليه خارج البلاد وهو يتنقل من عاصمة الى اخرى بدلامن أن يتوجه الى احضان جماهيره المتحصنة في جبال كردستان الامنة ... ولكن بالرغم من ذلك يجب القول بأن منتسبي الحزب ومؤيديه قاطبة ومعظم ابناء الشعب الكردي في تركيا لا يزال يسمونه ( آبو ) أي الاب . هذا من جانب ومن جانب أخر يلاحظ بأن كوادر الحزب المتقدمة لما بعد اعتقال رئيس الحزب عبدالله أوجلان قد أتخذت لنفسها صيغة مغايرة لما يتعلق بقيادة الحزب حيث شكلت بما يعرف ب ( المجلس القيادي لاتحاد المنظومات الكردستانية ) ذلك المجلس الذي يترأسه في الوقت الراهن ( مراد قره أيلان ) الذي يناديه رفاقه باسمه الحركي - الرفيق جمال - ... وهذا النمط من التشكيلة يؤكد بأن قيادة الحزب ألت الى قيادة جماعية في الوقت الراهن عقب غياب أوجلان من جهة كما يعني في نفس الوقت بأن أوجلان لا يزال يعد رئيسا للحزب بالرغم من اعتقاله من جهة أخرى .
على كل الحال ليس هذا كلما في الامر ....
ان حزب العمال الكردستاني ولد من ارحام أبناء الشعب الكردي في كردستان الشمالية الملحقة بتركيا وترعرع بين احضان جماهيره تضم في صفوفه عشرات ألالاف من منتسبيه المؤمنين بقضية شعب كردستان وأحقيته في نيل حقوقه القومية والديمقراطية مثله مثل سائرشعوب العالم قاطبة ، منهم من تسلح على شكل مجموعات قتالية متخذة قمم جبال كردستان ومنحدراتها ووديانها مرابض لها تواجه القوات المسلحة التركية النظامية وغير النظامية بكثير من التصميم و البسالة النادرة يقدمون خلالها تضحيات جسيمة اربكت في سخاوتها القوات التركية أينما كانت . و منهم بقي يحتضنهم ابناء الشعب داخل المدن والقصبات والقرى يناضلون سلما وتنظيما على هيئة الخلايا لا تقل أهمية من تلك الفصائل التي تحمل السلاح هكذا وفي غضون عدة الاعوام القليلة بات الحزب وفصائله المسلحة قوة ضاربة وعامل قلق شديد للحكومات التركية المتعاقبة يهدد أركان الدولة التي وقفت عاجزة خلال حملات قتالية عديدة ضارية كسر شوكته ودحر فصائله وتحجيم نشاطاته وان أتيحت لها الفرصة في أن تجرد الحزب من زعيمه والقائه في السجون التركية دون أن يحقق ذلك ما كان تصبو اليه السلطة التركية في أن يعتري الحزب من جراء ذلك الهوان او الاحباط بشكل ما . بقي الحزب وقواه المسلحة موحدة تأخذ مجراها القتالي دون أن تثبط عزائم منتسبيه في وقت كانت الفرصة مؤاتية آنذاك للحكومة التركية في أن تقرن هذا الحدث الذي أولت اليه الحكومة آنذاك اهمية بالغة باتخاذ زمام المبادرة نحو ايجاد حل سلمي للمعضلة التي ما فتأت تقض مضاجع
حكامها كما جعلتهم رهائن بيد القادة العسكريين منذ ما يزيد عن العقدين أو أن تبادر الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة باتجاه القيام بمجموعة من الاصلاحات الرامية الى تطوير المنطقة الكردية ومرافقها الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت تعاني الفقروالتخلف والتهميش في المجالات العديدة منها متعمدة يدركها الحكام قبل غيرهم والانفتاح على الكرد بما يشعرهم بكيانهم القومي وانتمائهم الوطني بمختلف المستويات والاتجاه .
من الجدير بالذكربأن تحرير العراق من نظام صدام المستبد وتشكيل عدة حكومات عراقية متعاقبة على اثر ذلك - وصفت بالديمقراطية - ومن خلالها منح كردستان العراق - المحافظات الثلاث ( أربيل والسليمانية ودهوك )- نظاما فدراليا واسع الصلاحيات ضمن الجمهورية العراقية وفق دستور البلاد ،هذا من جهة و كان قد تسنم حزب العدالة والتنمية بقيادة زعيميه ( عبدالله كول و رجب أوردكان ) مقاليد الحكم في دولة تركيا عن طريق الانتخاب المباشر من قبل الشعب التركي قبل أحداث العراق عام 2003 بعدة الاعوام من جهة أخرى قد قلب كل المعادلات السياسية السائدة في المنطقة كما احدث شرحا كبيرا في نمطية الاوضاع القائمة جاء في مجمله لصالح الديمقراطية والتقدم والسلم بوجه عام ، في غضون ذلك يلاحظ من الجانب التركي بأن حكومة تركيا بقيادة هذين الزعيمين قد نفضت يديها من التقاليد الكمالية الموروثة وثوابتها المتزمتة الى حد كبيركما بدأت تتفتح على الدول الجوار في أوسع أبوابها ولنا في ذلك انفتاحها على القضية الفلسطينية بجدية من جانب ومشكلة هضبة جولان العالقة بين جارنها سورية وحكومة اسرائيل من جانب أخر وغيرها من القضايا التي كانت تدرجها حكومة اوردكان ولا تزال من ضمن جملة اهتماماتها لسبب أو أخر بحيث اصبحت الدولة التركية بحق احدى أهم دول الشرق الاوسط .هذا بينما لم تنل القضية الكردية في البلاد من لدنها الاهمية التي تستحق كل ثقلها باتجاه حلها كما يجب في تلك الفترة كما كان متوقعا من الحكومة التركية الراهنة التي تعرف على المستوى الاقليمي والدولي بانها متزنة وبراكماتية من المفروض تنشد السلم والتقدم في كل الجانب.
اما فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني يلاحظ بأنه استغل بذكاء الفراغ الذي حصل من جراء سقوط الحكومة المركزية في العراق فعزز قواعده الرئيسة وخطوط امداده في منطقة جبلية وعرة مختارة من قمم وسفوح (جبال قنديل ) من كردستان العراق يشن منها هجمات نوعية عبر الحدود المشتركة على قواعدالجيش التركي المرابط على طولها وان كان خلال تلك الانشطة القتالية يعلن بين حين وأخر وقف القتال من طرف واحد لفترات معينة محدودة دون اية استجابة من الطرف الاخر بل بعكس ذلك يشدد الجيش التركي أثنائه من حملاته الجوية باحدث الطائرات الحربية المتطورة بتنسيق مع المخابرات الامريكية بالاضافة الى طائرات من دون طيارزودتها بها اسرائيل حديثا ، هكذالا تزال المواجهة الساخنة ومنذ اعوام عديدة على حالها من الناحية العسكرية من دون ان تنال الحكومة التركية على أقل بادرة من النصرعلى تلك القوات المسلحة المتحصنة المدربة على حرب العصابات داخل البلاد و في تلك البقعة التي تبعد عدة مئات من الاميال عن حدودها الدولية وهذا الواقع ما اشار اليه بوضوح لاول مرة رئيس اركان الجيش التركي السابق( يشار بويوك أنيت )- ضمن تصريح له نشره موقع ( صوت العراق ) بتأريخ العاشر من الشهر أيار 2009 نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط اللندنية حيث يعترف فيه بصعوبة القضاء على مخيمات ومواقع حزب العمال الكردستاني الموجودة في المناطق الجبلية النائية بأقليم كردستان ، ويستطرد قائلا بأن { القصف الجوي بمفرده ومهما كان مؤثرا لن يساهم في تصفية الحزب و يضيف بأن العمل العسكري لوحده لن يحل مشكلة ( الكوردستاني ) }.
من الجدير بالذكر ان تواجد قواعد حزب العمال الكردستاني على ارض كردستان العراق التي تتمتع بالفيدرالية ضمن الجمهورية العراقية قد خلق وضعا سياسيا وقوميا واستراتيجيا معقدا ذا - ألآبعاد الخمس من الناحية الجدلية فحسب ، فأنه من جانب حزب الكردستاني يرى بأن تواجده في تلك البقعة من ارض كردستان ليس بأمر مشروع فحسب بل يعتقد بأن الاقليم - حكومة وشعبا- مطالب باسناد الحزب وقواه المسلحة والمساهمة في دعم جهوده النضالية من أجل تحقيق أهدافه باعتبارأن كل اجزاء كردستان تعد ساحة واحدة لاية مجموعة كردية مناضلة من أجل حقوق الكرد القومية ففي هذا السياق فان الكردستاني لا يشعر باي حرج من تواجده على ارض الدولة العراقية من حيث كونها دولة مستقلة ذات السيادة من ضمنها أقليم كردستان وفق القانون الدولي النافذ ،وهذا ما أكد عليه ( مراد قرة ايلان ) رئيس المجلس القيادي للحزب في معرض رده على سؤال وجهه اليه أحد المراسلين في مكمنه في جبال ( قنديل ) حيث قال : ( اننا لسنا علي ارض أجنبية ) . أما من جهة الحكومة العراقية فأنه من المفروض ان تعمل على انهاء تواجد العمال الكردستاني على اراضي الدولة ان لم يتم ذلك بالطرق السلمية فلها أن تحقق ذلك عن طريق القوة وهذا حق مشروع وفق القانون الدولي النافذ أيضا ، والطرف الثالث في المعادلة يتمثل بالادارة الامريكية فيما يتعلق بالعراق باعتبارها الدولة المحتلة للعراق ولا تزال القوات الامريكية والمتعددة الجنسيات تتربع على اراضيه فانها في هذا السياق عليها ان تعمل من أجل حماية العراق وحدوده وان كان ذلك بالتعاون مع الدولتين المعنيتين العراقية والتركية . أما بالنسبة الى الطرف الرابع صاحب المشكلة الأساسية (تركيا ) فان الامرليس بامر هين اذ لا يمكن للقوات المسلحة التركية الرابضة على الحدود المتاخمة للعراق اجتيازها لتواجه فصائل الحزب المقيمة على جزء من الاراضي العراقية بصورة مباشرة لان ذالك يعد عدوانا على العراق ويشكل مخالفة للقوانين الدولية كما لا يستساغ للحكومةالعراقية حتى عن طريق الاتفاقيات الخاصة الثنائية أو اكثر- بأن تتيح الفرصة للقوات التركية بدخول الاراضي العراقية لمحاربة الكردستاني عن كثب كما فعل نظام صدام لان ذلك يعد استهتارا بحقوق الشعب العراقي الكردي منه على الاخص في ارضه وسيادته وان كانت الطائرات الحربية التركية تنتهك الاجواء العراقية بين حين وأخرتدك قواعد الكردستاني داخل العراق بصورة علنية دون أن تنبس الحكومة العراقية ببنت الشفة احتجاجا على تلك الخروقات مما يوحي بوجود تفاهم ضمني بين الحكومتين التركية والعراقية في هذا الامر . على كل الحال ماذا عن الطرف الخامس ( حكومة أقليم كردستان ) التي تقع المشكلة على اراضيه تتخذ فصائل الحزب المسلحة جزء منها قاعدة للانطلاق لضرب القوات المسلحة لدولة جارة لها ثقلها السياسي والعسكري والجعرافي على اكثر من صعيد تربطها واياها روابط عديدة خاصة الاقتصادية والتنموية في مجالات عديدة ... ماذا يكون موقفها فيما اذا طالبتها الحكومةالمركزية باداء دورها في طرد مقاتلي الحزب من كردستان العراق و تحريك قوى بيشمركة التي تشكل جزء" من القوات المسلحة العراقية التي تقع قيادتها تحت امرة رئيس الوزراء باعتباره قائدا للقوات المسلحة العراقية وفق الدستور الدائم باتجاهها، ففي هذا الباب هل من الممكن أن تتمرد حكومةالاقليم على الحكومة المركزية وقائد القوات المسلحةعن اداء تلك المهمة القذرة هذه ...؟ ومن جهة أخرى هل من الحكمة والعدالة أن يحارب الكرد بني جلدته على ارض كردستان وهم في صراع مرير من أجل حقوق الكرد وكيانه ..؟ هل يجوزاقتتال الكرد-- الكرد من أجل تحقيق أجندة دولة لا تزال لا تعترف بوجود الشعب الكردي على اراضيه لا دستوريا ولا على ارض الواقع ... الا في نطاق ضيق الذي حصل كما هو معروف في الاونة الاخيرة فقط ...! فانه بلا شك موقف اقليم كردستان يكتنفه الكثير من التعقيد والصعوبات والاحراج في هذا المجال خاصة اذا علمنا بان شعب الاقليم لن يغفر ولن يقف كتوفة الايدي في مثل تلك الحالة مهما كانت المبررات والاعذاروعندها فد تقلب كافة المعادلات السائدة رأسا على عقب بشكل لا تعرف تداعياته.
ان ضراوة المواجهات الحادة والعنيفة بين الطرفين على مدى العقدين من الزمن وما رافقه تلك من سفك الدماء الغزيرة على أديم البلاد ولما تتصف به السلطة الحاكمة التركية بشكل عام من النعرة الاستعلائية المروثة من الامبراطورية العثمانية التي كانت تضم شعوبا وبلدانا المترامية الاطراف وهي دار الخلافة الاسلامية وعروش السلطنة في العالم عدة القرون بالاضافة الى اصرار الدولة التركية بمعظم سياسيها و قادتها العسكريين على اعتبار الحزب الكردستاني منظمة ارهابية, وغيرها من العوامل قد جعلت الاجواء المحيطة بهما في غاية الصعوبة مما حالت دون اللقاء والتفاوض بينهما كي تتاح الفرصة خلاله لطرح المسألة الكردية على أي صعيد كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة مما كان يعكس هذا الموقف تجاهلا فظا من السلطات التركية للقضية الكردية برمتها على مدى انبثاق الحركة المسلحة الكردية بينما لم يحسم القتال الموقف بجانب أي طرف منهما فلا الحكومة التركية بالرغم من ترسانتها العسكرية الضخمة تمكنت النيل من الحزب والقضاء على فصائله المسلحة كما لم يحقق الحزب من جانبه خيطا واحدا من برامجه الطموح على أرض الواقع باستثناء بعض المساحات الاعلامية المحدودة على المستوى الدولي ، هكذا بقي الطرفان يتراوحان في موقعهما دون ان يجدا ما يمكنهما الخروج من هذا النفق المظلم . هذا بينما كانت الوضعية -- على سبيل الاسيشهاد -- تختلف يالنسبة الى الاحزاب والتنظيمات الكردية على اختلافها في كردستان العراق حيث ان الحكومات العراقية المتعاقبة - منها غارقة في عدائها للكرد وحقوقه القومية -- لم تتجرأ على مدى الثلاثين عاما أن تصفها بكونها منظمة أو منظمات ارهابية يعود سبب جانب منها بلا شك الى حرص الحركة المسلحة عموما هناك الالتزام يالتقاليد والمسلكيات النضالية الانسانية مما جعلها في منأى من أن توصف بما لايليق بحركة قومية تحررية مناضلة ، بل عكس ذلك فانها نالت في خلال تلك الاعوام الكثير من الاحترام والتعاطف من لدن العديد من الدول والمنظمات الاقليمية والدولية مما كان ذلك مع -- عوامل و أسباب أخرى موضوعية يتيح فرص متعددة وفي فترات مختلفة لفتح ابواب اللقاء و التفاوض المباشر على مصاريعها بين الطرفين المتحاربين الحكومات العراقية المتعاقبة وقادة الحركة الكردية حيث شهدت ساحات القتال في غضونها جولات حوارية تفاوضية مباشرة عديدة غالبا ما كانت تفرزفترات سلم طويلة نسبيا بالاضافة الى اقرار صيغ معينة باتجاه حل المشكلة الكردية في البلاد وان لم تكن تلك الحلول تصمد بصورة نهائية الى أن سقط النظام / نيسان عام 2003 .
من الواضح بأن العالم - منذ النصف الثاني من القرن العشرين قد شهد تغيرا ديناميكيا كبيرا باتجاة نبذ القتال ووضع حد لسفك الدماء واللجوء الى القوة في اطارالتحكم بالقضايا القومية أوالسياسية الساخنة التي تبرز بين الدول ذات العلاقة او داخل دولة واحدة كما لم تعد في الساحة ثورات عارمة وحركات سياسية مسلحة تدفع بالدولة الى أن تواجه فصائلها بالحديد والنار، وهنا يراد القول في هذا المجال بأنه قد خف التوجه الميداني الساخن بين الدول أو ضمن دولة واحدة كما لم تعد في معظم الاحوال ما يبررالصراعات المسلحة للوصول الى الاستحقاقات القومية أو السياسية ذات الطابع القومي مادامت الديمقراطيةوالحوار البناء قائما اذ وصلت معظم الدول في العالم الى القناعة الراسخة بان المشاكل والمعضلات القومية والسياسية والاقتصادية مهما كانت معقدة يمكن فكها وتذليلها والانتهاء منها لصالح الاطراف المتنازعة ان لم يتحقق ذلك بصورة أنية فانه لا بد أن يتحقق مستقبلا وقد يتم ذلك غالبا بتعاون الاطراف والهيئات والمنظمات الدولية المعنية وهناك في ذلك امثلة عديدة تؤكد ما نذهب اليه.
وفي هذا المنظور و التأكيد على هذا النهج في حل المشاكل والصراعات القومية على الاخص خاصة في الدول ذات المسار الديمقراطي وان لم يكن ناجزا ، لا يستبعد ان ينحو طرفا النزاع الدامي الحكومة التركية في عهدنا هذا وحزب العمال الكردستاني منحى السلام باتجاه حل المشكلة الكردية ذات الطابع القومي عن طريق الحوار والتفاوض البنائين بتأيد ومشاركة دول الجوار وأية جهة تهمه انتهاء هذا الصراع المرير الذي يبدو بأنه يأخذ ابعادا اكثر خطورة عن الاعوام الماضية التي كانت المسألة تدور علي الاراضي التركية فحسب ، اذ من المؤكد بأن طرفي الصراع قد ادركا بأن القتال الدائر بينهما لن يؤدي الا الى المزيد من سفك الدماء والدمار مما يزيد الامرتعقيدا و قد يؤدي أخيرا الى سد كل السبل المحتملة لحل المشكلة بطرق سلمية في المستقبل القريب هذا الحل السلمي الذي تدعو اليه أطراف عديدة منها مؤثرة في أكثر من جانب كرئيس

الولايات المتحدة باراك أوباما عند زيارته لتركيا في اليوم السادس من الشهر ابريل / نيسان 2009 خلال لقائه المقتضب برئيس حزب ( المجتمع الديمقراطي )الكردي المنشأ أحمد ترك الذي سلم أوباما خلاله - ( مشروعا لحل القضية الكردية )-- حيث قال حرفيا : { ان حل اية مشكلة لا يتم عبر اعتماد العنف سبيلا } ،هذا القول الذي أيده الترك في ذلك مشددا على : أن الكورد لا يؤيدون العنف مطلقا عليه يجب حل المشكلة الكردية سلميا - . لا ريب فيه بأن الرئيس الامريكي كان يشير بذلك الى حل المشكلة القائمة بين الحزب والحكومة التركية بالطرق السلمية وليس بالقوة .
ومما يعزز هذا التوجه نحو السلم في حل المشكلة الكردية في البلاد ما اتخذته حكومة أوردكان التي يرى معظم المراقبين بأنها من أكفأ الحكومات التركية المتعاقبة واكثرها واقعية -- قبل عدة الاشهر بصدد افتتاح فرع لدراسة اللغة والادب الكردي في كل من جامعة أسطنبول وأنقرة بالاضافة الى افتتاح برامج كردية في احدى القنوات التلفزيونية التركية المحلية وان كانت تعكس وجهة نظر الدولة الا أن مجرد البث باللغة الكردية نفسها يعد بحد ذاتها اعتراف بوجود الكرد وهويته القومية على أرض البلاد وهي سابقة لم تشهدها تركيا منذ تكوين كيانها الدولي كما كان ذلك من المحرمات المطلقة على الدوام ،هذا وقد اقترن اجراءات اوردكان أنذاك بحديث له مطول نسبيا عن المشكلة جاء فيه بالقول : ( نحن قريبين من الوصول الى حل لهذه المشكلة ولكن لا توجد حلول سحرية ... الا أن المهم هو البدء بالمبادرات العملية والفصل بين الارهاب والقضية الكردية ....) .
يلاحظ في هذا السياق أن رئيس الدولة ( عبدلله كول ) قد ذهب الى أبعد من ذلك عندما تحدث للاعلاميين الترك المرافقين له عند زيارته للعاصمة الجيكية ( براغ ) لحضور قمة الاتحاد الاوربي في اليوم العاشر من الشهرمايس / أيار عام 2009 قائلا { بان القضية الكردية تعتبرمشكلة تركيا الرئيسة أية كانت تسميتها ، كأرهاب أو كمشكلة جنوب شرق البلاد أو المشكلة الكردية ، فيجب حلها بأي شكل كان ...} ولفت خلاله الى المخاطر الكامنة ورائها وقال ( اذا لم نأخذ المبادرة فسيفعل ألاخرون ذلك .. ) ، هذا ويضيف كول ويقول : بأنه هناك ( التوافق والانسجام بين مختلف أجهزة الدولة وهي الحكومة والجيش والامن فيما يتعلق بالمشكلة .... وقال هناك فرصة تأريخية علينا جميعا أن نعمل حتى لا تضيع الفرصة .... ) هذا ومما قاله كول في جولته هذه بما يفيد بأن { حل المشكلة الكردية والقبرصية سيتسنى للدولة والحكومة التركية الانشغال بقضايا تسهم في تحقيق نقلة نوعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... وانعكاس ذلك على العلاقات الخارجية لتركيا }.
ان تصريحات الزعيمين في الدولة التركية وهما في قمة المسؤولية بخصوص القضية الكردية في البلاد باعتبارها ( مشكلة تركيا الرئيسة ) تعد من أخطر ما قيل عن هذة القضية وأكثرها جرأة وواقعية لم نتعهد باقل منها منذ انبثاق المشكلة لما قبل عقدين من الزمن بالرغم من تعاقب العديد من الحكومات التركية ذات التوجهات والخطب المختلفة كما كانت تعد تلك المفردات التي اتى عليها الزعيمان في تصريحاتهما محرمة في أكثر من صعيد . هذا والتمعن في مضمون ومغازي تلكم التصريحات تتأكد الامور التالية :
1 الاعتراف بهوية الشعب الكردي ووجوده في البلاد .
2-- ان لهذا الشعب قضية .
3ان هذه القضية تعد مشكلة تركيا رئيسة . وان اختلفت تسمياتها .
4 هناك توافق وانسجام بين جميع اجهزة الدولة فيما يتعلق بالمشكلة الكردية .
5هناك فرصة تأريخية لحل المشكلة يجب ألا تضاع .
6حل المشكلة يتيح فرصة كفيلة بنقلة نوعية نحو المزيد من التقدم وتحسين علاقات الدولة الخارجية .
7هناك مخاطر كامنة وراء تلك المشكلة ان لم يتم حلها .
8اذ لم تأخذ الحكومة المبادرة بحل المشكلة هناك الاخرون يبادرون الى ذلك ...؟؟
9 المهم القيام بالمبادرات العملية والفصل بين الارهاب والقضية الكردية .
10 -- ليست هناك حلول سحرية للمشكلة بمعنى أن الامر يحتاج الى المزيد من الجهد والمثابرة .
من ضوء ما ذهب اليه الزعيمان في تصريحاتهما تلك بما يخص المشكلة وابعادها وتأكيدهما مرارا لزعماء الاحزاب والكتل السياسية في البرلمان التركي منها حزب (المجتمع الديمقراطي ) الكردي بضرورة القيام بشيئ ما باتجاه حل المشكلة الكردية - يستوجب تفعيل مضامينها على ارض الواقع بأسرع وقت ممكن كي لا تضيع اية فرصة متاحة في هذا الظرف المؤاتي من أكثر من جهة واتخاذ المبادرة بهذا الاتجاه باعتبارهما يتمتعان بالسلطات الكاملة في الدولة على جميع المستويات منها التشريعية عن طريق البرلمان بالاضافة الى السلطة التنفيذية ، ولا شك بأن أية مبادرة بهذا الصدد تكون مؤثرة على عدة الجبهات المحلية والاقليمية والدولية وان كانت تلك ليست من الامور الهينة يتطلب الكثير من الحكمة والصراحة والجرأة وارساء قواعد يعتمد عليها باتجاه اتخاذ الاجراءات التمهيدية لها ولا ريب بأن من اولى تلك المبادرات - كما يعتقد -- هي اصدار العفو العام الشامل على أن يتزامن ذلك مع ( ايقاف القتال ) على كافة الجبهات بين الطرفين بأية صيغة كانت ودون شروط مسبقة تلك الشروط التي غالبا ما تسد وتعرقل طريق التفاوض الجاد وفي الواقع فان هذا الامر يعد من أولى مهام السلطة التركية لانه من العدالة القول بأنه غالبا ما يعلن الحزب الكردستاني عن وقف القتال لفترات معينة محدودة من طرف واحد دون الاستجابة من الطرف الاخر.
اواخر الشهر حزيران / 2009
[email protected]

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە