الصورة السلبية للأحزاب في عقل الفرد العراقي

Saturday, 16/06/2018, 4:07

7687 بینراوە


 الحزب السياسي او كما هو الدارج  لدى كافة الناس بمختلف طبقاتها وبمعناها اللفظي ( الحزب ) هذه المفردة التي طالما تكررت في الكتابات السياسية والبحوث الأكاديمية وتم الاعداد له بانه اساس تكوين الديمقراطية وضمانة الحرية ووجودها او عدم وجودها فيصل الحكم على نظام على ان يكون الحكم الدولة ديمقراطيا أم استبداديا ، وبعد تطور في المفاهيم والنظريات الاساسية للتشكيل الاحزاب تم تبني فكرة  كلما زاد عدد الأحزاب زادت مساحة الحرية الممنوحة للناس .على هذا بدأت دور التنظيمي لكيفية الانتعاش بالحرية والديمقراطية للشعوب هذا ما حصل وبالأخص لدى الشعوب المتحضرة والمتقدمة والذي    .كان لهم الحصة الكبيرة في الانتعاش بالحرية 
ولكن بالنسبة لنا ونحن نعيش في هذه البقعة الداكنة من الكرة الأرضية. ماهي شكلية الصورة الاحزاب في العقل الفرد العراقي السياسي او الفرد العام والذي يحاول دوما النجاة في وحل الذي وقع فيه منذ دخول الاحزاب في معترك حياتهم  بصرف النظر عن المجاملات السياسية والاعتبا         العاطفية التي نحترم أصحابها ونحترم تصوراتهم حول
الموضوع ، نستطيع القول أن العقل السياسي العراقي الفردي والجمعي يحمل صورة سيئة وسلبية جدا عن الحزب السياسي ،حيث وبعد مرور اكثر من قرن على انخراط مثقفي وساسة الاوائل في انشاء الاحزاب وبناء الركائز الأساسية لكيفية ادارة شؤون الشعب مدعيا بانهم يعملون للصالح الشعب .  الا انه وعندما السؤال العراقي البسيط ، عن سبب الخراب والنكبات والنكسات والحروب السابقة واللاحقة وعدم الاستقرار وضياع الحقوق في البلد ونهب ثروات البلد بدون أي حساب ، ستجد لديه إجابة واحدة وبدون أي تردد و جاهزة أنها الأحزاب السياسية ،وليس هذه الصورة الحاضرة في هذه الايام بل هذه الصورة المطبوعة في ذهن العقل العراقي وتم الانتقال بالجينات المتوارثة الى جيل وجيل والسبب عم التغير الفعلي للأحزاب الحاكمة ومنذ سقوط الدولة العثمانية . إن هذه الإجابة السريعة والقاطعة قد صعق الطبقة الواعية من الشعب الذين يريدون التطور والارتقاء للعراق لا لأنها صحيحة ، بل لأنها توجه الاتهام في مشاكل البلد إلى مؤسسة هي من أهم مؤسسات المجتمع المتمدن المعاصر ، المؤسسة الحزبية اساس الارتقاء في الدول المتقدمة وهناك نماذج حية للمثل هذه الدول التي ارتقت فيها الحياة من خلال المؤسسة الحزبية والتي تعتبر المشارك الفعلي في ادارة  كافة المراق الحيوية للدولة . ان المؤسسة الحزبية هو الاساس  التي بدونا ينعدم النضج السياسي ، والحراك السياسي ، والرقابة المجتمعية ، والتداول
السلمي للسلطة ، الا ان المؤسسة الحزبية متهمة من قبل مادتها البشرية التي تشكل عماد وجودها في العراق  إن الإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة من جهة ومن جهة اخرى بسيطة كون النظرة الأولى للنتائج الفعلية للعملية السياسية والتي يديرها الأحزاب هو الفشل ثم الفشل ومازالت الاوضاع كما هو ، اما الاجابة ليست سهلة  لأنها تحتاج الى الحفر في الاحجار الكبيرة العملاقة المنصوبة من قبل  السياسيين  للفهم اسباب نحتها ووضعها على رؤوس الشعب وا ستحواذها على السلطة ، ويمكن ايجاز الاسباب للصورة المتوحشة الموجودة للأحزاب في الذهن الفرد العراقي 

أولا : نشؤ الاحزاب بالطريقة الخاطئة في التاريخ العراق 
عودة سريعة الى تاريخ والقرن التاسع العشر والعشرون وابان غطرسة ودكتاتوريه الحكم العثماني وبدا من نشاءة كيفية نشؤ الاحزاب بعد وصول الافكار الثورية والحزبية والسياسية من الغرب الى الشرق الاوسط  وكان ظهور الأحزاب في البلدان الديمقراطية كان مقترنا بضرورات سياسية واجتماعية واقتصادية ، فقد ولدت الأحزاب الأوربية من رحم الانتخابات واتساع المطالبة بالحريات والرغبة في الحد من شدة قبضة من  السلطة ،وعليه كان الحزب بهذه النشاءة قوة تغيير اجتماعية
مرغوبة وأداة حشد شعبي ناجحة ، وضمانة مهمة للتداول السلمي للسلطة هذا صورة من الغرب واوربا . والعكس كانت لدينا  فلم يكن ظهور الحزب السياسي بمثل هذه الصورة في العراق ، فأول احتكاك للإنسان العراقي مع الأحزاب السياسية كان مع ( حركة الاتحاد والترقي العثمانية ) ، تلك الحركة والمسماة والدون له في التاريخ الاحزاب اول تشكيل لا لأحزابي كان حزبا  عدائيا مارس سياسة التتريك في وجه الفرد العراقي وحول طمس شخصية الفرد في صالح جهات الاجنبية هذه كانت البداية ، و لم تتغير بعد ظهور الدولة العراقية مطلع القرن العشرين ،بل وجد العراقيون أن كثيرا من أحزابهم السياسية تشكل إما امتداد للإرادة البريطانية المحتلة آنذاك او امتداد لإيديولوجيات مستوردة غريبة يحاول أصحابها فرضها عليهم متناسيين خصوصيات الزمان والمكان والحضارة ، بذلك طبع في ذهن الفرد العراقي ماهو كان يفكر فيه ولم يتم ارشاده كون الحزب الاول لم يكن حزبا بمعناه . 
ثانيا : الابتعاد والتهرب من قيام الاحزاب بالدور الاساسي في التغير الوضع السياسي  للمجتمع
 المجتمعات والدول المتحضرة والمتقدمة وبمختلف تواجدها وعبر الزمن مرت بتحولات ثقافية وحضارية وكان على رأس كل خطوة من التغير والتقدم صورة الايجابية للأحزاب و قيادتها للشعب من اجل الاستفاضة من التغيرللوصول الى حياة افضل وعيشة افضل بذلك ان المؤسسة الحزبية في كل الدول ابدأ فاعلية والعمل بذلك وحتى في خضون ابشع الحربين العالمين الاولى والثانية ورغما على وجود احزاب وديكتاتوريات الا الاحزاب المضادة كانوا لهم كانوا قد امتهنوا عنصر التغير والاستفادة منه ، الا ان المجتمع العراقي من المجتمعات التي مرت بتحولات مهمة منذ نشوء الدولة العراقية والى الوقت الحاضر ، إلا أن ما نلاحظه في هذه التحولات هو أن الأحزاب لم تكن صاحبة اية قرار ومبادرة في التغيير ، بل تتأثر بالتغيير شأنها شأن الأفراد من حيث الحرمان او المكاسب وحسب طبيعة التغيير ، فقد فرض النظام الملكي على الشعب العراقي من قبل قوى خارجة وان الاحزاب الموجودة في حينها  نائمة في قارعة الطريق وعلى طريق الشعب  ، ولم يكن لها دور في اختيار الشخص والعائلة التي يعطى لها الملك و (عاش الملك ومات الملك) ، ولم يكن لها دور في تغيير النظام الملكي بل كانت أحيانا عقبة حالت دون هذا التغيير وكان الاحزاب في ساعة من الساعات حمل شعار الملك ملكنا ولم يعترف بان الملك كان غريبا وجات به من بقع النائية بعد ان تم طردهم المهم ( مات الملك وجاء الاحزاب) بأفكار بعيدة جدا من سلوكية وعقيدة الشعب وعانا الشعب ويلات الى حين الييوم والساعة                                                                                       ثالثا : الاحزاب ذو الطابع الشخصي
 العجيب والغريب ان الحزب لا يملكه شخص واحد وهذا ما هو المذكور في دستور والنظام الداخلي للأحزاب المؤسسة في كل بقاع العالم الا ان الغريب في تاريخ العراقي ان الحزب تنتهي بموت الشخصية الكاريزمية للحزب او يتم انتقال مؤسسة الحزب الى الورثة من الابناء لأجل ابقاء على روح الحزب حيث تنتقل الحزب عندها الى يد عائلة واحدة وكتابة سند لهم بانهم من الورثة  بذلك تفتقد الاحزاب الى الطابع الجماهيري لها ، فأغلب في تاريخ العراق  أحزاب تدور في فلك شخصيات معينة ، وكان فعلى سبيل المثال حزب الاتحاد الدستوري الذي نشأ عام 1950 وحل في عام 1954 فقد نشأ آنذاك بقرار من نوري السعيد وحل بقرار منه أيضا، و نموذج اخر حزب البعث احدى النماذج العميقة والراسخة في عقل الفرد العراقي ( مات صدام مات البعث ) واما النموذج الحي الموجود حاليا ( حزب الديمقراطي الكردستاني ) حيث احفاد البرزاني هم الورثة فقط واما الطبقة المؤمن باهداف الحزب اصبحوا خارج البرنامج الداخلي والخارجي للعملية السياسية الحزبية                                                                                              
رابعا : الاستحواذ والسيطرة على كرسي السلطة 
عندما نشا فكرة الاحزاب كانت من دلائلها ان يكون عمله الانقلاب بطرق متنوعة على الحكم والسيطرة لأجل امتلاك السلطة الجديدة لإدارة وتقسيم المصالح بالعدد والتساوي الحرية للشعب وكان هدف الوصول إلى السلطة هو واحد من الأهداف التي سعت  إليها كل حزب سياسي لأجل الشعب وليس لأجل منفعة الحزب فقط ، الا ان عكس ما نراه في مسيرة النضال الأحزاب العراقية أنها جعلت هذا الهدف هو هدفها الوحيد المقدس ومحور نشاطاتها فقط لأجل السيطرة والاستحواذ على السلطة ، فنتج عن ذلك نسيانها لدورها في تمثيل الناس وخدمة مصالحهم ، .وهذا الأمر طرح إلى ساحة البحث والنقاش مسألة كيفية  نظر الأحزاب إلى السلطة في تاريخ العراق  ، فهي تنظر إليها لا على أنها أداة لخدمة الشعب بل على إنها أداة قمع له تستخدم لمنعه من رفع صوته والمطالبة بحقوقه وحرياته ، وفي ذلك خسارة للبلد من جانبين : الأول في تصور الناس لدور السلطة حيث أنهم جعلوها مرادف لكل شر، والثاني في عزوفهم وكرههم للعمل الحزبي كونه مرتبط بالسلطة .
خامسا : احزاب قومية وطائفية وعشائرية حزاب قومية واحزاب دينية وطائفية واحزاب عائلية    مسيطرة عليه فئات معينة من الاشخاص في سبيل خدمة فكرتهم . هذا اساس نشؤ كافة الاحزاب في العراق والتي اصبحت تقليدا متبعا حينما اراد ان يقوم شخص ما بأنشاء حزب وحتى لون و شعار الحزب ومبادى والبرنامج الداخلي والخارجي للحزب كانت مرتبطا بهذه يجد من يراقب بدقة
أن كثيرا من الأحزاب العراقية لم تستوعب كامل المجتمع العراقي في برامجها ، إذ بقيت على الرغم من ادعاءاتها الوطنية أحزابا يغلب فيها الولاء الضيق على الولاء الوطني فهي إما تمثل طيفا مذهبيا معينا او طيفا قوميا معينا او طيفا دينيا معينا بل وأحيانا طيفا عشائريا معينا ،
بعيدا جدا عن معترك الحياة الصعبة الجدة ومعنى       السطحي للحياتنا والتي فقدت منه الامل ان تنضج وان تولد حزب حديث الولادة تخص كل فكرة من افكارها ومبادئها  في سبيل الفرد .  ان التغير لابد ان تتم اولا في كيفية تغير النمط  الحزبي لدينا فيجب ان تكتفي الحزب ان تكون قياديا في خدمة مصالح المجتمع بالكل وان تكون عمله في سبيل مصلحة القومية او المذهب او  العقيدة او المبدأ او الشخص او القائد او المسؤول او سكرتير الحزب او رئيسو الوزراء او رئيس الجمهورية  في سبيل صحاب العمامة هذه الأسباب شكلت الأساس الذي جعل مفردة الحزب السياسي تحمل صورة سلبية لدى الإنسان في بلدتنا

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە