هذه هي حقيقة الاستعمار التُّرك إسلامي!

Thursday, 13/03/2014, 12:00

2916 بینراوە




يا شعوب الشرق الأوسط المستعمَرة!

هذه هي حقيقة الاستعمار التُّرك إسلامي!

منذ قرون تجري في بيتنا الشرقي أوسطي الكبير أحداث غريبة، ومنها أن شعباً بدوياً متخلّفاً، جاء غازياً من وسط آسيا، واحتل أوطاننا بقوة السيف والمكر، وفرض نفسه سيّداً على بيتنا الكبير، وتحكّم في دمائنا وثقافاتنا وثرواتنا باسم الله والإسلام حوالي 5 قرون، إنه الاستعمار التركي، فماذا عن هذا الاستعمار الدخيل؟

أحفاد الذئب الأغبر Qizil Qurt :

سهوب وصحارى آسيا الوسطى الممتدة من منغوليا إلى بحر قَزوين، هي مهد الطورانيين، هناك عاشت القبائل الطورانية متصارعة على المراعي والمياه، وكان الغزو والرعي من أهمّ وسائل الإنتاج عندهم، وكانت بلادهم- كشبه الجزيرة العربية- مدرسة لتخريج الغزاة الدمويين، وتصديرهم لنشر الدمار في المناطق الحضارية المجاورة.

ويعتقد الطورانيون أن جدّتهم الكبرى ذئبة حمراء (قِزِلْ قُورتْ) qizil qurt، ولذلك جعلوا الذئب واللون الأحمر من أبرز رموزهم (لا حظوا لون العلم التركي)، إن الثقافة الدموية المتأصّلة في الذهنية الطورانية هي التي أنتجت أسطورة (الذئبة الجدّة)، وقد ترك العنف الطوراني آثاراً عميقة في ذاكرة شعوب غرب آسيا، فشاعت بينهم عبارة (قِزلْ قورت) في معرض التوبيخ والتقريع والتهديد، إنها في أصلها دعاء على المغضوب عليه بأن يُبتلى بالغزو الطوراني المخيف المدمّر.

والغُز (أوغوز) فرع كبير من الطورانيين، ينتمي إليهم الأتراك، وكانوا يجاورون الآريين الشرقين (أفغان، كُرد، بُلوش، فُرس)، ويطمعون في احتلال غرب آسيا، حيث تقع مراكز الحضارة والثروات، لكن الآريين كانوا يتصدّون لهم، ودارت معارك هائلة بين الطرفين، وفي كتاب أَڤِستا المقدس، وملحمة شاهْنامه الفارسية، أدلّة كثيرة على ذلك، وكان النبيّ الميدي زرادشت يشارك في التصدّي لهم، فقتلوه مع ثمانين من أصحابه في المعبد الزرادشتي بمدينة بَلْخ حوالي عام 583 ق.م، حينما غزوها،

وقبل الإسلام كان الآريون (ميد، أَخْمين، أَشْغان، ساسان) يحمون غرب آسيا من الغزو الطوراني، لكن لما قضى العرب على الدولة الساسانية، سقط آخر حصن آرياني. وقبل العهد العبّاسي لم يكن للأتراك وجود في غرب آسيا، وفي عهد الخليفة المأمون تمّ شراؤهم من أسواق النخاسة، وجُنّدوا في الجيش العباسي، وفي القرن 10 م ظهر الأتراك الغَزْنَويّون، وانجذبوا بحسّهم الغَزَواتي إلى ما في الإسلام من مكاسب استعمارية، فاعتنقوا الإسلام السُّنّي، وركبوا موجة الجهاد، ورفعوا كأساتذتهم العرب راية (الله أكبر) لاحتلال البلاد واستعمار العباد.

وبعد الغَزنويين ظهر السَّلاجِقَة في القرن 11 م، وأدركوا أنه لا يكفي أن تحمل سيفاً باطشاً لتكون صاحب مشروع استعماري، بل لا بد من السيطرة على الڤاتيكان العرب إسلامي (دار الخلافة)، فالسيف الغَزَواتي الاستعماري بحاجة إلى الختم الإلهي المبارك، وكان الخليفةُ العربي السُّنّي في بغداد يحتكر ذلك الختم، ويمنح شرعية الغزو المقدّس لمن يشاء، شريطة أن يُعلن التبعية له ويدفع الضريبة المطلوبة.

وأقيم حلف سياسي بين الخليفة القائم بأمر الله (قائد الاستعمار العربي) والسلطان طُغْرُل بَگ (قائد الاستعمار التركي)، وتعزّز الحلف بمصاهرة بين الأسرتين الهاشمية والسلجوقية، وتسلّم طُغْرُل بَگ مفتاحَ الغزو المقدس من سيّد الڤاتيكان العرب إسلامي، واحتل السلاجقة كُردستان والعراق وآسيا الصغرى وسوريا. ثم برز الفرع المغولي بقيادة جَنگيزخان وحفيده هولاگو في القرن 13 م، وأنزلوا بشعوب غرب آسيا أسوأ الكوراث، من نهب وسبي وقتل وتخريب وتحريق، وهم أول من ابتكر فنّ إقامة أهرامات من رؤوس الضحايا في المدن التي غزوها.

من القبيلة إلى الامبراطورية:

مع بداية القرن 15 م برز العثمانيون، وسبقوا أساتذتَهم العرب في الغزو والاحتلال، فاحتلوا قسطنطينية عاصمة بيزنطا عام 1453م، وسمّوها إسلامپول (مدينة الإسلام)، واحتلوا تَمازْغا (وطن الأمازيغ)، ووصلت غزواتهم إلى قلب أوربا، وأصبحوا قوة عاليمة كبرى. وكان العرب يحتكرون الخلافة، فقرر الأتراك انتزاع ذلك السلاح الاستعماري السحري من قبضتهم، وابتكر شيوخ المذهب الحَنَفي المعروفين بالحيل الشرعية فتوى مناسبة، ولما غزا السلطان سليم الأول مصر عام 1517 م، أخذ معه آخر خليفة عباسي إلى قسطنطينية، وأجبره على التنازل عن الخلافة، وجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية، وأصبح الأتراك سادة الشرق الأوسط، بعد أن احتكر العرب تلك السيادة تسعة قرون.

والأتراك كالعرب ليسوا أصحاب تراث حضاري، إنهم مستعمِرون متوحشون متخلفون، اضطهدوا الشعوب قومياً ودينياً ومذهبياً، ونهبوا ثرواتها وسخّروا أدمغتها لمصالحهم، وكانوا ينتزعون كل صبي وسيم أو صبية جميلة من أهلهم في شرقي أوربا، بدل ضريبة الرؤوس، ويربّونهم على الإسلام عنوة، ويدرّبون الصبية ثم يضمّونهم إلى الجيش الانكشاري لغزو الشعوب، ويجعلون الصبايا جواري في قصورهم ومخادعهم، لتحسين سلالتهم المعروفة بقلّة الجمال، وبالقامة الأقرب إلى القِصَر.

والسلطة المركزية عند الأتراك مقدسة، إلى درجة أن عدداً من سلاطينهم كانوا- فور وصولهم إلى عرش السلطنة- يأمرون بقتل جميع إخوتهم بمن فيهم الأجنّة في بطون الأمهات، كي لا يظهر لهم منافس، وقد صدر في عهد السلطان محمد الثاني الفاتح (1451 1481م) قانون باسم (قانون نامَه آل عثمان) ، يبيح للسلطان الجديد قتلَ إخوته، وجاء فيه "على كل واحد من أولادي يؤول إليه السلطان أن يقتل إخوته، فهذا يناسب نظام العالَم، وإن معظم العلماء يسمحون بذلك".

إن مستعمِراً هذه هي عقيدته السياسية، كيف يكون موقفه من الشعوب المغلوبة؟ اسألوا الكرد عمّا فعل بهم المحتلون الأتراك؟ إنهم قضوا على الدويلات والإمارات الكردية، ونهبوا ثروات كردستان، ووظّفوا القوة القتالية الكردية في حروبهم الاستعمارية، وانتقموا بوحشية من الثوار الكرد، اسألوا أعماق بحيرة (وان) التي رُمي فيها الكرد مربوطين بالصخور، واسألوا كهوف جبال (دَرسيم) التي أُحرق فيها الكُرد أحياء، واسألوا المشانق التي سيق إليها قادة الكرد من أمثال شيخ سعيد وسَيّد رِضا، واسألوا آلاف القرى الكردية التي أحرقها الأتراك، وهجّروا مئات آلاف الكرد إلى سهوب الأناضول الحارة، فمات عشرات الآلاف في الطرق، وتشرّد الباقون.

مشروع (العثمانية الجديدة):

في أوائل القرن العشرين أدرك مصطفى كمال (آتاتورك) أن الإسلام (حصان طروادة) عربي، وأن كل من يعتنق الإسلام يتحوّل أوتوماتيكياً إلى طابور خامس للعرب، فيدير ظهره لأمته وهويتها وثقافتها ومصالحها، ويتحوّل إلى خادم مخلص للمشروع العرب إسلامي، كي يمنحه النبي العربي محمد إقطاعاً مرموقاً في الجنة. وأدرك آتاتورك أيضاً أن جهود الدولة العثمانية تصبّ في طاحونة الاستعمار العربي، فحيثما فتح الأتراك مدينة أو قرية، وأقاموا فيها مسجداً، يحشرون الناس في خانة العرب، ويلزمونهم بالتوجّه خمس مرات يومياً نحو الكعبة العربية، ويشجّعونهم على التخلّي عن أسمائهم القومية والتبارك بالأسماء العربية، وعلى إدارة ظهورهم لسِيَر عظمائهم الوطنيين (الكفّار!!)، وتمجيد قادة الغزو العرب إسلامي (المؤمنين!!).

أراد أتاتورك إقامة دولة تركية قومية، غير تابعة للاستعمار العربي، وفي عهده شاعت المقولة التركية (عَرَبْ پِيسْ مِلّتْ) أي (العرب شعب رديء)، وألغى الخلافة، وفرض الكتابة بالحرف اللاتيني بدل الحرف العربي، لكن إجراءاته لم تكن جذرية، فالإسلام كان قد تغلغل في الشخصية التركية، بسبب المشترَك البيئي والثقافي بين العرب والأتراك، وسرعان ما وصل الإسلاميون الترك إلى القيادة مع أَرْبَكان، ثم ورثه تلميذه الجورجي المستترِك رَجَب طَيِّب أَرْدُوغان ، وها هو يحاول إقامة الدولة العثمانية الجديدة، مع صديقه التركي الأصل عبد الله غُول من (قُونْيَه) عاصمة السلاجقة والعثمانيين قبل استانبول، وبتخطيط من وزير خارجيته التركي الأصل أحمد داود أوغلو منظِّر العثمانية الجديدة في كتابه (في العمق الاستراتيجي).

وتمهيداً لذلك تباكى أردوغان وصحبه على فلسطين ومسلمي بورما والصومال، واصطحب زوجته لذرف الدموع على المسلمين هنا وهناك، إن العثمانيين الجدد يسيرون على نهج أسلافهم، فالسلاطين باسم الإسلام والجهاد غزو أوطان الشعوب واحتلوها، وصاروا قوة كبرى في العالم، فلماذا لا يكرّر العثمانيون الجدد الوسيلة ذاتها؟ ولماذا لا يخدعون شعوب الشرق الأوسط مرة أخرى؟ ولماذا لا يعقدون تحالفاً استعمارياً مرة أخرى مع عرب شبه الجزيرة العربية (قطر والسعودية)؟

إن التحالف الجديد بين الاستعمارين العربي والتركي بدأ منذ أن جاد آل سعود على التركي أكمل الدين إحسان أوغلو بمنصب (الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 2005)، ومنذ أن تحالفَ الرأسمال الخليجي مع تركيا، ولِم لا ؟ ألم يكن تحالف السلاجقة والخليفة العربي مفيداً للجانبين؟ أليس بفضل ذلك التحالف تحوّل الأتراك من قبائل هائمة إلى أصحاب امبراطورية؟ أليس بفضله صار الأوربي الشرقي مسلماً يحمل اسماً عربياً، ويتوجّه إلى الله عبر (الكعبة) العربية؟ فلماذا لا يقام التحالف مرة أخرى ضد الشعوب المستعمَرة، لتتحقق المصالح المشترَكة؟

- - -

يا نُخب شعوب الشرق الأوسط المستعمِرة! أيها المثقفون والساسة! ينبغي أن يكون القرن الواحد والعشرون قرن إسقاط الاستعمار الفارسي والعربي والتركي، وعارٌ علينا أن نترك شعوبنا تعبر إلى القرن الثاني والعشرين وهي مستعمَرة في قبضة هؤلاء المتخلّفين.

يا نُخب شعوب الشرق الأوسط المستعمِرة! إن المشاريع الإسلامية الاستعمارية الجديدة (الشيعي الفارسي، السَّلفي الخليجي، الإخواني التركي)، امتداد للمشاريع الاستعمارية القديمة، تلك هي الحقيقة، وينبغي أن نضعها أمام شعوبنا، كي تدافع عن هوياتها وتكون سيّدة في أوطانها، وترمي بهؤلاء المستعمرين خارج التاريخ.

(ترجمة المقال إلى لغات شعوبنا جزء من النضال ضد الاستعمار الشرق أوسطي)

 

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست


چەند بابەتێکی پێشتری نووسەر




کۆمێنت بنووسە