حفلة الذئاب في 31 آب (صدام/مسعود)، أسرار وخفايا

Friday, 31/08/2012, 12:00

1689 بینراوە





بعد صراع دام ومرير بين الحزبين الكرديين الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني لم تقتصر آثاره على الجانب السياسي والعسكري، بل أوغل كلا الرئيسان الطالباني والبارزاني في تعميق الخلافات والإنقسامات ليترك سلوكهما العدواني تجاه بعضهما البعض الأثر الكبير في تصدّع البنية الإجتماعية للمجتمع الكردي فيما بعد. وقد إمتدّت الخلافات والإنقسامات الى داخل المدينة والقرية بل والعائلة الكردية الواحدة أحياناً، ليس هذا وحسب بل أدخلا الطبيعة أيضاً، متجسدة بالألوان على خط الصراع، ليكون اللون الأصفر من نصيب البارزاني أما اللون الأخضر فقد كان حقا حصريا للطالباني فيكتفي الأعضاء والمناصرين إرتداء لباسا من هذا اللون أو إزدراؤهم لّلون الآخر للتعبير عن حقيقة ولاؤهم السياسي.

لقد مر الصراع بين الطالباني والبارزاني في محطّات دامية حول مداخيل الكًمارك ومناطق النفوذ ألا أن أبرزها (العاصفة الصفراء) التي نستعيد ذكراها اليوم عندما إستعار مسعود البارزاني سياط الجلاد البعثي صدام التكريتي لجلد ظهر خصمه اللدود (الطالباني) لتتوسع حفلة الجلد والتعذيب الى عقوبة جماعية للشعب الكردي و المعارضة العراقية في 31 آب 1996.

في تلك الفترة وبعد أن أحسّ البارزاني بتصدع الأسس السياسية وانحسار الرقعة الجغرافية لمناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني نتيجة علاقاته المهشمة مع بقية الأحزاب الكردية في المنطقة تولّد لديه الشعور بأنه (البارزاني وحزبه) آيل الى الزوال الحتمي، لذلك إستثمر قادة الحزب (مسعود ونيجيرفان بارزاني وفاضل مطني ميراني وآزاد برواري) علاقاتهم الوثيقة بالمؤسسة الإستخبارية الصداّمية للشروع في مباحثات سرية إستغرقت ما يقارب الشهر والنصف وهي الفترة التي سبقت محطة آب الدامية.

في السادس من تموز 1996 مهّد البارزاني للأمر بلقاءات سرية في بغداد وتصريح خصّ به مجلة ألف باء قائلا (صدام ضمانة للأكراد) وفي أواسط تموز من العام نفسه إبتدأت المباحثات بين فريق البارزاني (نيجبرفان بارزاني، آزاد برواري، فاضل مطني ميراني وآخرين) من جهة، والمخابرات العراقية من جهة أخرى، في مدينة الموصل وعلى وجه التحديد في قصر يتوسّط أحد المزارع في منطقة الرشيدية لدراسة المنافع وتلافي الأضرار المترتبة على عملية الإجتياح والتنصيب القسري للحزب الديمقراطي على عرش العاصمة الصيفية للعراق وعاصمة الحكم الذاتي (السليبة) في شمال العراق (كما كان يسميها مفاوضو النظام وفريق مسعود معاً في قصر المفاوضات السرية)، من هنا كان ينطلق فريق البارزاني في المباحثات لإغراء الجلاد صداّم على التدخل العسكري من خلال (والكلام هنا للفريق المخول بالمفاوضات من قبل مسعود).. التمحور حول عبارة (الجيب العميل) و" تحرير (العاصمة أربيل) من براثن الغزاة الإيرانيين المتمثّل في (فيلق بدر/ قوات الحكيم) و (الحرس الثوري الإيراني) اللذان يشكلان الركائز الأساسية لتوطيد سيطرة الطالباني على أربيل ومنعه من تنمية المعارضة العراقية لإسقاط نظام الحُكم في بغداد ".


لذا أشار مسعود البارزاني على النظام الصداّمي باستثمار علاقتهما الوطيدة بـ (منظمة خلق المعارضة لإيران) وتوجيهها لتهويل التواجد الإيراني في (المحمية الدولية - أربيل) وتضخيم مخاوف العواصم الغربية (لندن، واشنطن) فكانت منظمة خلق هي الأخرى طرفا في وضع اللّمسات الأخيرة على الخطط النهائية في المباحثات بين (حكومة صدام - فريق البارزاني - منظمة خلق) أملا في تقليل احتمالات تعرّض قوّات النظام الصداّمي لضربة جوية من قبل الحلف الغربي أثناء دخول الحرس الجمهوري السريع لضرب القوى السياسية المتواجدة في أربيل.
لقد وجد نظام صدام في تلك الدعوة البارزانية المدروسة فرصة لتمزيق صفوف المعارضة العراقية وتسكين مرض (ايران فوبيا/ قميص عثمان البائد لمناغاة الغرب) الذي لم يفارق مخيلة النظام، وكذلك ترميم هيبة سلطانه المهشّمة بسبب الحروب الخاسرة والحصار الإقتصادي الذي تسببت بها مغامراته العسكرية، أما مسعود البارزاني وفاضل مطني ميراني ومن لف لفّهما، فقد أحسّوا بأن سلطتي الحزب والعائلة مرهونتين بعملية من هذا النوع فالقضية بالنسبة لهما لاتتعدى عن كونها (القضية الكردية) كرسي للحكم ومصالح فئوية وشخصية وتوسعة مناطق النفوذ حتى لو أدى الأمر الى أن تكون الدماء الكردية وقوداً لمدرعات الحرس الجمهوري الصداّمي لذلك كان (آب المتوكل على الله) كما أطلق عليه النظام الصداّمي والذي "رقصت به أزهار النرجس" ذبيحة في أربيل تحت حراب العصابات والأجهزة القمعية، كيما يكون (مسعود بارزاني/1996 فما فوق) صاحب النفوذ الأبرز المؤهّل للتعامل مع الأمم المتحدة وبغداد والمؤتمن الأساسي على حصة الإقليم من (برنامج النفط مقابل الغذاء).

في عصر الثلاثين من آب ومن على قمة منتجع صلاح الدين وعد مسعود أعضاء حزبه بأنهم سيتناولون وجبة الغداء غدا في أربيل، كان ذلك وهو في طريقه من المنتجع الى المقرات المتقدمة للحرس الجمهوري ملتحقا بقائد الفيلق الخامس ومؤديا التحية مصحوبة بكلمة (سيدي) الى المقبور قصي صدام المتواجد في ذلك المقر للإشراف على المعركة، وفي الساعة الخامسة صباح الحادي والثلاثين من آب 1996 المشؤوم تحركت جحافل الحرس الجمهوري نحو أربيل برفقة بيشمركًة مسعود الذين زودتهم قيادة الحزب الديمقراطي بشرائط قماش (صفراء اللون) ربطوها حول اذرُعهم (لتمييزهم عن بقية أفراد البيشمركًة) وهم يتقافزون فوق ناقلات الاشخاص العسكرية المدرعة الموجودة مع قوات الحرس الجمهوري المُكلفة بمهمة الإجتياح برفقة فاضل مطني ميراني الذي كان هو الآخر ممتطيا إحدى المدرّعات.. وماهي إلا ساعات وقد غطت سحب الدخان سماء المدينة (أربيل) وأصمّ أزيز الرصاص وزمجرة المدرعات وهدير المدافع البعيدة المدى مسامع الأمهات والأطفال .. جثث مترامية هنا وجرحى هناك يفترشون الأرض في شوارع أربيل وعلم بثلاث نجوم يرفرف فوق قلعة أربيل والمجلس التشريعي وإعتقالات عشوائية إكتظت بها السجون ومشاهد تقشعر منها الأبدان لايستسيغها سوى سماسرة القتل ومصاصي الدماء.

وعلى العكس من أدهم بارزاني (ابن عم مسعود) صاحب التصريحات المثيرة للجدل ومنها " أن عشيرة البارزاني لن تصفح عمّن أحرق الأشمغة الحمراء أمام الفرع الرابع في السليمانية".. ومنها أيضاً: "لست عراقيّا ولم أعترف بعراقية كردستان والعرب متفقون على معاداتنا".. بخلاف ذلك بدا مسعود وطنيا جدا ومتسامحاً أيضا حيث أصدر عفواَ عامّاً وقال في مؤتمر صحفي تلا عملية الإجتياح 1996 : "نحن اكراد عراقيين وجزء من العراق، من الاعتيادي ان تكون هناك خلافات بيننا وبين بغداد ، لكننا متفقون في مسالة الدفاع عن السيادة الوطنية للعراق. نحن لم نطلب من المركز شيئا بالمقابل لم يطلب المركز منا اي شيء"... هكذا أنهى مسعود حديثه، ولكن الحقيقة إن (تخادماً نوعيا) قد حصل بين المخابرات الصداّمية وجماعة مسعود بارزاني، فمثلما إغتالوا سوية الناشطين العرب والكرد معا. وكما حصل مع محاولة اغتيالي في أمريكا عام 1989، ففي آب 1996 قد أقام كل من (صدام/ مسعود) حفلة دامية رقص بها فاضل مطني ميراني يدا بيد مع المخابرات العراقية والأجهزة القمعية على جثث الأبرياء الكرد وأنقاض المعارضة العراقية.

الحرس الخاص والجمهوري بقيادة المقبور قصي صدام، وبعد أن قتل شباب الكرد وإنتهك الأعراض، كان قد فسح المجال لذوي الأشرطة الصفراء (عصابات آل مطني) للإستيلاء على البنوك وتشريد ومصادرة الأموال النقدية لكل من يشكون في ولائه للعائلتين البارزانية والتكريتية، ومن ثم إرشاد الحرس الخاص والمخابرات العراقية الى مقرات المعارضة العراقية ومطاردة وإعتقال منتسبيهم وعوائلهم .. وكما جاء في تقارير منظمة العفو الدولية الصادرة في الثالث من أيلول ١٩٩٦ حول انتهاكات حقوق الانسان أثناء اجتياح مدينة أربيل التي أكدّت على أن عمليات الاعتقال والقتل لافراد المعارضة العراقية كانت قد شملت إقتحام وحرق مقرات ( الإتحاد الوطني الكردستاني/ المؤتمر الوطني/ المجلس الأعلى/ الجبهة التركمانية/ منظمة العمل الإسلامي/ الحركة الآشورية/ الحزب الشيوعي الكردستاني/ الإتحاد الإسلامي الكردستاني) حيث تم تسليم من ظفروا به (ذوي الأشرطة الصفراء/ بيشمركَة مسعود)، تسليمه الى الأمن الخاص والمخابرات الصدامية لينقلوا معصوبي الأعين الى بغداد حيث أجريت لهم حفلات التعذيب الجماعي وأقيمت عليهم المحاكم الصورية لينتهي بهم الحال في عداد المفقودين الذين ابتلعتهم بطون المقابرالجماعية.

مقطع فيديوي يؤكد علاقة مسعود البارزاني وفاضل مطني ميراني مع المخابرات العراقية
http://www.youtube.com/watch?v=i7N8ji6VQE8

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە