القصف التركي- الايراني على كردستان العراق الى أين؟

Thursday, 08/09/2011, 12:00

1133 بینراوە


عبد الرحمن أبو عوف مصطفى

في العام 1984 أضطر حزب العمال الكردستاني (پ ك ك) لحمل السلاح، ومنذ ذاك والى اليوم والقضية الكردية في تركيا لازالت تراوح مكانها، بل تتصدر القضايا التي يكتنف مصيرها الغموض مع مضي الحكومة التركية في التصعيد والحرب المفتوحة على الشعب الكردي وسط صمت دولي مطبق ومؤازرة إقليمية بانت بقصف ايراني جاء متزامنا مع الإعتداءات التركية على إقليم كردستان العراق. والغرابة أن مواقف من كانوا يؤيدون أكراد العراق في نضالهم ضد نظام صدام بالأمس يستكثرون اليوم على القومية الثانية في تركيا مطالبهم المشروعة في الحصول على حكم ذاتي والتمتع بحقوق المواطنة أسوة بالقومية التركية الحاكمة هناك. بل أن من يتباكى من دول العالم على مذابح تاريخية إقترفتها تركيا فيما سبق (كمذبحة الأرمن)، نراه يقف على التل حيال الهجوم تلو الآخر بالمدفعية والطائرات على الشعب الكردي من قبل هاتين الدولتين.

الصمت العالمي حيال القصف التركي- الايراني لقرى وقصبات كردستان العراق ومانجم عنه من ضحايا مؤخراً يؤكد ازدواجية المعايير التي تتبعها الأطراف الصانعة للقرارات الدولية، والتي تجسدتفي موقفها المتفرج على الأحداث دون مبادرة أو دعوة جادة للتهدئة والحوار. سيما وان المنحى التصعيدي والإستفزازي في التعاطي مع الملف الكردي بات خيار الدولتين وخاصة تركيا المنزلقة نحو العنف دون أدنى اكتراث لتداعيات الموقف. وقد كان تواطؤ الأطراف الدولية واضحا حينما نظرت الى الإنتهاكات التركية والإيرانية من زاوية "الدفاع عن النفس"، في ذات الوقت الذي حشّد ويحشد الناتو قواته لإسقاط أنظمة في المنطقة تحت غطاء مناصرة شعوب هي في الحقيقة ليست بأكثر مظلومية من كرد تركيا ولا أشد معاناة من شعب كردستان العراق الأعزل الرازح تحت مظلة العصف والقصف التركيين. بل قد يعد الحال في تلك الدول التي سارعوا لنصرة شعبها شأنا داخليا إذا ماقورن بالتجاوزات التركية والايرانية على الأراضي العراقية في كردستان العراق اليوم. وان تركيا المتباكية على حرية وكرامة الشعبين السوري والليبي لم تتورع عن فعل ماهو أشنع بحق الشعب الكردي في تركيا وكردستان العراق. فلم يقتصر الأذى التركي على تحريض الحكومة الإيرانية، بل سعت وبما تمتلك من قوة للتأثير في مسار الحركة الإحتجاجية السورية السلمية وتقزيم الدور الكردي هناك لحساب أطراف أخرى تدور في الفلك التركي وبما ينسجم مع خططها الرامية لمصادرة أي استحقاق كردي يفرزه حراك الاصلاح أو التغيير في سورية مستقبلاً.

ان الاعتداءات التركية الايرانية وكذلك الاعتداء الاستفزازي المبطّن من قبل الكويت أيضا، المتمثل في الشروع بتجريد العراق من منافذه البحرية، جاءت مجتمعة بالتزامن مع اقتراب خروج الأمريكيين من العراق، لذا فان هذه الأطراف إضافة الى السعودية المصدرة للأحزمة الناسفة والفكر التكفيري.. لم يخفوا رغبتهم في فرض نفوذ لهم داخل العراق بالقوة وايجاد موطأ قدم تحسبا للفراغ الذي يتركه الإنسحاب الأمريكي من العراق فيما بعد. ومثلما أنجبت لنا مرحلة مابعد سقوط الصنم أكثر من صدام، ليس من المستغرب أيضاً، أن يخلف الانسحاب الأمريكي أكثر من غزو واحتلال. فالأمر ليس مستبعداً خاصة وان إنتهاكات دول الجوار التي طالت أجواء وأراضي ومياه العراق (من حيث الزمان والمكان) تشير الى أن مايجري الآن هو بمثابة تمهيد مسبق لإجتياحات لاحقة. وما يجعل ذلك متوقعا سخونة الأحداث في المنطقة ودول الطوق العراقي التي ستجد في العراق منطقة حرة لتصدير أزماتها الداخلية والشروع بتقاسم النفوذ مع الآخرين على أراضيه.



أن الوضع الخطير الذي يمر به الإقليم والاستهداف التدريجي المنظم وبما يشكل من تهديد للمنجز الأمني والعمراني في الاقليم، يستوجب وحدة الخطاب الاعلامي للقوى السياسية الكردستانية وايقاف الحملات التحريضية المتبادلة فيما بينها والتنسيق لتنظيم التظاهرات بشكل مشترك، ومن جانب آخر، على القوى السياسية في الاقليم أيضاً، تغذية خطوط التواصل والإتصال مع الحكومة الاتحادية في بغداد والقوى السياسية الأخرى ، وحثها على بلورة موقف أكثر وضوحاً، فما يجري من انتهاكات اليوم هو من صلب المسؤولية القانونية والاخلاقية للحكومة الاتحادية تجاه مواطنيها مثلما هي مسؤولية رئاسة الاقليم وحكومته على السواء. ورغم ان الورقة الإقتصادية (سلاح ذو حدين) ألا أن اغفالها بالكامل دون التلويح بها أو استخدامها تدريجيا قد يكرس النظرة لدى الآخرين في أن الاقليم قد أصبح (منطقة تجارة حرة) يتحكم معيار الربحية في تحديد دائرة علاقاته الخارجية بمعزل عن منظومة القيم والإرث النضالي للأمة الكردية... يضاف الى ذلك كله، لايختلف اثنان على أن الوجود الأمريكي في العراق وطوال السنين الماضية (وباستثناء حسنة اسقاط الدكتاتورية)، لم يكن وجودا إيجابيا على الاطلاق نتيجة سقوط الدولة وليس النظام فقط مما أدى الى ضعف القدرة التفاوضية للجانب العراقي طوال الفترة الماضية، أما اليوم وإذا ما رأت الحكومة العراقية وجود ضرورة لبقاء أمريكي رمزي فلا ينبغي للبقاء إلا أن يكون (بقاءً مسؤولا وايجابيا يتناول الجانب التنموي بالاضافة الى رفع القدرات المهارية والتقنية) ومقترن أيضا بجهود سياسية أمريكية جادة تحول دون استمرار مثل هذه الاعتداءات على العراق عموما والإقليم بشكل خاص..

ختاما لايفوتنا الدعاء بالشفاء العاجل الى الجرحى في كردستان العراق جراء القصف التركي- الايراني ونسأل الله (تبارك وتعالى) أن يمن بالصبر والسلوان على ذوي الضحايا، كما أغتنم الفرصة أيضا لتهنئة جميع الاخوة والأصدقاء بعيد الفطر المبارك. ولاشك ان التهنئة جاءت متأخرة بعض الشئ والسبب هو تعرضي الى حادث انقلاب سيارة لمرات متتالية نجوت بعدها بفضل من الله ورحمة، وقد تركني الحادث طريح الفراش طوال الفترة الماضية.. لذا تقبلوا مني أصدق الأماني وأسمى آيات التهاني والتبريكات وكل عام وأنتم جميعا ًبخيـــر.
 [email protected]

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە