الاقليات العراقية و حمى المقاعد

Tuesday, 13/10/2009, 12:00

1800 بینراوە


ان ظاهرة تعدد قوائم الاقليات العراقية, تعزز الراي القائل بان هذه القوائم قد اصابها حُمى المقاعد البرلمانية التي افقدتها الرؤيا لترى ما بعد مرحلة التمقعد. يبدوا لي غريبا جدا ان نرى احزابا و تنظيمات لاكثريات سياسية تعيش حالة من الهتستيريا و الذعر لما هو ات و لذلك تراها تتحالف و وتئتلف خشية من انتكاسة انتخابية قد تحل بهم, و في ذات الوقت نرى ان احزاب الاقليات تتناحر و تتسابق لالغاء الاخر من الاحزاب ضمن مكونها دون ان تعي حقيقة وزنها الانفرادي الماساوي خارج حلبتها المكوٌني.
ان قوى الاقليات بنهجها هذا, ام انها تؤكد غبائها السياسي, او تقر انانيتها السياسية و لا ادري ايهما هو الاسوء. اذن يعوز الخطاب السياسي الاقلياتي عنصرين مهمين اولهما غياب الوحدة و التحالفات الداخلية و ثانيهما الائتلافات الضرورية مع قوائم و ائتلافات اخرى. لاادري كيف لحزب او قائمة منفردة لمكون صغير نسبيا ان تحقق ما تعد به ناخبيه وهي لا تفوز باكثر من بضعة مقاعد على احسن تقدير؟ هذه المعضلة تتضح اكثر اذا ما و ضعنا ما تقدم في عالم تتصارع فيه الاكثريات و تتناطح بشراسة في معركة سياسية محاصصية لا تلتزم بابسط قواعد اللعبة الديمقراطية السليمة بل تسير و فق قانون اشبه بقانون الغابة, منه بصراع سياسي متمدن يستند على الحوار و التداول السلمي للسلطة.
و لرب سائل يسئلنا كيف يستقيم هذا مع ما طرحته سابقا من افكار نحو قائمة مستقلة و ما شابه ذلك؟ سؤال وجيه يستحق الاثارة و استغل الفرصة هنا لتوضيح الفكرة بعض الشيء. انني بطرحي تلك الافكار و على مستوى الشان الايزيدي, انما كنت مصرا على تحقيق العنصرين السالفين الذكر, اقصد القائمة الموحدة و من ثم الائتلاف, و الا انتفت مفعولية القوائم المستقلة للمكونات الصغيرة للمجتمع العراقي, اي ان يكون خطاب المكون موحدا اولا وان يشق المكون طريقه السياسي عبر اصلح البدائل السياسية المطروحة او القادمة, ثانيا. انني اشك بفاعلية التخندقات القومية و الدينية و المذهبية للاقليات العراقية. من هذا المنطلق كنت من بين ما ابتغيه تشكيل ضغط سياسي فعلي على القيادات السياسية الكوردية و كان طموحي في ذلك ان ترى هذه القيادات الخطاب السياسي الايزيدي الاخر الى جانب الخطاب السياسي الايزيدي الكوردي من خلال الكوادر الحزبية الايزيدية في صفوف الحزبين الرئيسيين.
اليوم ارى ان خيارات الناخب الاقلياتي قد ازدادت عددا, بما في ذلك الناخب الكوردستاني خاصة بعد ان طرحت حركة التغيير الكوردستانية نفسها على الساحة السياسية و بقوة وذلك بدليل الفوز الكبير الذي حققته في انتخابات الاقليم في شهر يوليو تمز الفائت. يضاف الى ذلك بروز تيارات و تجمعات سياسية وطنية و ديمقراطية وعلمانية ليبرالية, على مستوى العراق.
اضافة الى ما تقدم من اخفاقات, نرى بان القوى السياسية لكل مكون قد تخندقت والتهت بحروب دينكوشيتية داخلية كتلك التي رايناها بين ابناء المكون المسيحي على سبيل المثال لا الحصر حيث راينا و للاسف الشديد تناحرات سياسية اشورية كلدانية سريانية لم تجلب لهم جميعا سوى المزيد من الويلات و المشقات و المزيد من الاقصاء حالهم بذلك حال المكونات الاخرى. هذه المطاحنات الغير المبررة افقدت قوى الاقليات المختلفة الدراية السياسية و اعمت بصيرتها و فوٌتت عليها بذلك امور بديهية جدا. نعم فاتت هذه القوى ان الاقليات العراقية تربطها ببعضها البعض و في ظل الظروف الراهنة ما هو اهم من الاختلاف او التنوع الديني و المذهبي و حتى القومي, الا وهو المصير المشترك (اضافة الى الوطن المشترك بطيعة الحال), اذ ان جميع الاقليات العراقية و بدون استثناء مهددة بالانقراض وفق مخطط خبيث يراد منه تفريغ العراق من اقلياته. اذا ما كتب لا قدر الله , النجاح لهذا المشروع الجهنمي لا ارى اية معنى عندها اذا كان هذا الجزء او ذاك هو الاصل لاقلية لم يعد لها وجود.
ان المصير المشترك يُحتٌم على القوى السياسية للاقليات المختلفة في العراق ان تنسٌق و ان تتحالف و ان تتكاتف,عبرحدود الدين و المذهب و القومية, من اجل مشروع بديل, فالاقليات مع بعضها تصبح قوة اكبر بكثير من مجموع قوة هذه الاقليات منفردة. استغرب حقا خلو الخطاب السياسي الاقلياتي من هكذا دعوة. كما اتمنى على قوى الاقليات الفاعلة ان ترفد و بقوة ووعي التيارات الوطنية على وجه العموم و العلمانية الليبرالية منها على وجه الخصوص. لا ارى ملاذا حقيقيا للاقليات سوى اقامة نظام وطني حقيقي يتخذ من المواطنة معيارا اساسيا في التعامل مع مواطنيه.
ان الناخب الاقلياتي مشوش عليه هذه المرة اكثر من ذي قبل, حيث سنرى بكل تاكيد تبعثر اصوات الاقليات بين قوائم و ائتلافات متعددة مما سيفقد المكونات ثقلها الانتخابي و ستتضرر هذه الاقليات اكثر من السابق و تجازف ان تخسر قسطا كبيرا من ثقة و تعاطف احزاب و قوى الاكثريات السياسية وهذا امر لا يجوز الاستهانة به في عراق اليوم.
الناخب الكوردستاني يواجه هذه المرة في انتخابات برلمان العراق بعدا جديدا وهو حركة التغير و الاصلاح التي تهب رياحها على كوردستان. فالى جانب قوى سياسية معارضة سابقة يجد الناخب الكوردستاني نفسه امام خيارات كوردستانية جديدة خاصة و كما يبدو الامر لحد الان, بان القوى الكوردستانية لم تفلح في النزول بمشروع تفاهم مبني على احترام الراي و الراي الاخر.
نري في جعل الساحة المركزية امتدادا للصراعات السياسية الداخلية, فيه الكثير من المغامرة السياسية.
ان اصرار قائمة التحالف الكوردستاني في الاعتماد على سياسة الاكتفاء الذاتي و التي تستند على التحالف الاستراتيجي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني, قد يكلف هذه القائمة اكثر مما كلفتها في انتخابات الاقليم في شهر يوليو تموز المنصرم حيث خسرت ما يعادل 46% من الاصوات الى المعارضة على اختلاف اشكالها و هي هزيمة حقيقية مقارنة بحصول هذه القائمة على ما يقارب ال 100% من الاصوات, كما جرت العادة سابقا.
نرى من الحكمة ان تتحلى قائمة التحالف الكوردستاني بقدر كافي من المرونة السياسية و الاستعداد لاشراك الاخرين شراكة حقيقية و ليست تجميلية احتوائية, و ذلك من خلال مساومات سياسية بهدف الوصول الى تشكيل شيء من قبيل الجبهة الكوردستانية للدخول في الانتخابات القادمة, فخير لقائمة التحالف الكوردستاني ان تخسر لقوى كوردستانية تشاركها المصير من ان تخسر لقوى اخرى منافسة لها على اقل تقدير. في المقابل على قوى المعارضة السياسية ان لا تجعل من المعركة السياسية الداخلية ان تستمر في ساحات الانتخابات المركزية.
ليس من الحكمة ان يقف خوف القوى السياسية للاقليات, عائقا في طريق اختيارها لائتلافات و تحالفات مع اصلح الاكثريات السياسية التي تضمن للأقليات حقوقها المشروعة على اساس الاحترام الكامل لهويات هذه الاقليات و على اساس الشراكة السياسية الحقيقية. ان وقوف قوى الاقليات العراقية خارج التحالفات و المناداة بالاستقلالية يترك هذه القوى في مهب الريح تاخذ بها الاعاصير الى حيث ما تشاء و لن تحصد من العملية السياسية اكثر من بضعة مقاعد لا توفر لناخبيها اكثر مما توفر لجالسيها.
على المدى المتوسط و البعيد لن يكون هناك طريق سياسي امثل للاقليات من طريق القوى السياسية الوطنية و العلمانية الليبرالية و كافة القوى التي تتمحور في برامجها السياسية على الوطنية قولا و فعلا في تحقيق دولة القانون و المساواة, يسود فيها العدالة الاجتماعية.
ان انخراط ابناء الاقليات في مثل هكذا تنظيمات سيحقق لها اكثر بكثير من التخندقات الاقلية سواء اكانت على اساس الدين او المذهب او القومية, حيث ان التاريخ زاخر بالامثلة على انظمة سياسية فشلت على المدى البعيد في التمحور على الايديولوجيات القومية و الدينية و المذهبية المتشددة و حتى النصف المتشددة منها. ان قيمة المواطن لايجوز لها ان تحدد على اساس الانتماء القومي او الديني او المذهبي و الى غير ذلك من المعايير الغير المنطقية والغير المعقولة, كما لا يجوز تحديد حقوق وواجبات المواطن على اي معيار اخر سوى معيار الوطن, حيث القاسم المشترك بين الجميع.

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە