المشروع الإسلامي وأيديولوجيا التوحّش

Friday, 24/01/2020, 17:03

2737 بینراوە


Zara Zagros

الإسلام أيديولوجيا استعمارية كونية، وهو لا يختلف عن بقية الأيديولوجيات الفاشيّة التي طمحت إلى السيطرة على العالم، وحينما يدعو شيوخ التكفير وقادة المنظّمات الإسلامية إلى إحياء (دولة الخلافة)، فهم لا يأتون بجديد، وإنما يُحْيُون ما أنجزه أسلافهم بإسم الإسلام في القرن 7 م، فالغزوات المسمّاة تلطيفاً (فتوحات) كانت الأداة الأكثر سرعة وعنفاً لتنفيذ المشروع الإسلامي الكوني، وكانت الأداة الأكثر جدوى لتعريب الشعوب، والقضاء على ثقافاتها، وإحلال الثقافة العربية محلّها.

والحقيقة أن الإسلاميين، في أفكارهم بخصوص مشروع الأَسْلَمَة/العَوْرَبَة- ينطلقون من ثوابت أيديولوجية راسخة في الإسلام نفسه، وتلك الثوابت مذكورة بوضوح ومكرَّرة في القرآن، وفي أقوال محمّد، وفي سيرته وسيرة كبار صحابته، وهي تُعتبَر مصدرَ إلهام دائم للإسلاميين منذ 14 قرناً، وهم شديدو التمسّك بها، لأن كل إخلال بتلك الثوابت يعني الخروج عن الإسلام، واستحقاقَ غضبِ الله.

إن القرآن أكّد عالميةَ الإسلام مراراً، وجعل أَسْلَمة العالم مسؤولية كل مُسْلِم، بدءاً بمحمّد وانتهاء بالمَهديّ المنتظَر (المُخَلِّص)، وفرض على المسلمين الجهادَ بالمال والنفس والولد لتنفيذ مشروع أَسْلَمَة العالم، يخاطب الله محمّداً فيقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سورة يونِس/آية 28). وقال محمّد: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَه" (سُنَن النَّسائي، ج 6، ص 7) وقال محمّد في خطبة له: "وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأرْضِ" (سُنَن النَّسائي، ج 7، ص 222)؛ أيْ أن الله جعله سيّد العالَم.

وتوجد آيات قرآنية، وأحاديث نبوية عديدة، تحرّض المسلم على تنفيذ مشروع (أسلمة العالم)، ولأجل ذلك وُجد تشريع (الجهاد)، وبتأثير تلك الآيات والأحاديث وذلك التشريع إندفع العرب من صحاريهم، وغزوا العالم في كل الإتجاهات، زاعمين أنهم ينشرون دين السلام والرحمة بين البشر، وكانوا في الحقيقة يفرضون الإسلام بالإرهاب على الشعوب، ويحتلّون أوطانها، ويدمّرون ثقافاتها وعقائدها وقيمها الوطنية، ويفرضون عليها ثقافة الصحراء وقيم البداوة المتوحّشة.

إن الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وممارسات محمّد وصحابته، وسياسات الخلفاء الأربعة الأوائل (أبو بَكْر الصِّدّيق، عُمَر بن الخَطّاب، عُثْمان بن عَفّان، عَليّ بن أبي طالِب)، وفتاوى الفقهاء، وأقوال الدّعاة، وبطولات المجاهدين، وقصائد الشعراء في مدح المجاهدين، أصبحت تراثاً مقدَّساً للمسلمين، وأصبحت أساساً أيديولوجياً يستقي منها المسلمون صغاراً وكباراً كلّ يوم، وصارت كالهواء الذي يتنفّسونه.

هذا الشحن الايديولوجي الجهادي المتوحّش بدأ منذ 14 قرناً، وما زال مستمرّاً في معظم مجالات حياة المجتمع المسلم، ففي مجال التعليم يبدأ من دور الحضانة، والمدارس، والمعاهد، وحتّى الجامعات، وفي تلاوة القرآن، والصلوات الخمس، وخُطَب يوم الجمعة، ومناسبات الحجّ والأعياد الدينية، وفي الفتاوى الدينية، وحَمَلات التبشير، وفي المكتبات، ودور النشر، ووسائل الإعلام، والغرض الرئيسي من كل ذلك هو تأسيس ذاكرة المسلم بهذه المرتكزات الأيديولوجية الجهادية.
هذه هي القاعدة الفكرية والوجدانية التي إنطلق منها العرب المسلمون القدماء عندما سَلّوا سيوفهم، وغزوا العالم في الإتجاهات الأربعة، وهذه هي القاعدة الفكرية والوجدانية التي ينطلق منها الإسلاميون في عصرنا، وهذه هي القاعدة الأيديولوجية التي يتربّى عليها خرّيجو الإرهاب الإسلامي منذ الصغر جيلاً بعد جيل، ويُصِرّون على تعميم وباء الإسلام على العالم، مستخدمين أبشع أشكال التوحّش.

لذا فإن فائدة العمليات الأمنية والعسكرية ضدّ الإرهاب الإسلامي ستبقى محدودة جداً، إنها كالدواء الذي يسكّن الألم، ويخدع المريض، ولا يقضي على المرض. إن الدواء المفيد للقضاء على وباء الإسلام من جذوره هو الحرب الأيديولوجية، ويجب أن تكون حرباً على مستوى العالَم، وأوّل ما ينبغي فعله هو تحرير الشعوب الإسلامية من أيديولوجيا التوحّش.

أجل، هذا هو الخيار الوحيد.

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە