الزاهد العلماني هو المنقذ

Friday, 06/04/2012, 12:00

1466 بینراوە




كما يقال، ان الفِكَر لا تحتاج الى آلة . فان الاصرار على فعل اي شيء يمس الانسان و معيشته و حياته الدنيوية و ما يؤمن به، ومن اجل سعادته (و هي الاهم للجميع ) لا يحتاج الى التردد في اتخاذ القرارات و المواقف، وانما المهم هي الخلفية السليمة و العقلية الموائمة للولوج في تطبيق و تحقيق خطط و عمل استنادا على التفكير العلمي الصحيح الذاتي المستمد من كل ماهو مثبت مختبريا بدلائل عينية ملموسة مبنية على صحة الجوهر و المظهر دون التاثر بخيال و فكر مثالي .
في هذه المرحلة التي نعيش، و ليس من باب المقارنة مع ما كنا فيه من اية ناحية كانت فقط، و انما من اجل بيان الحقائق و الاصح من النتائج علينا ان نحلل ما توصلنا اليه، اي اننا نحس بعصر مختلف كليا عما سارت عليه البشرية من كافة الزوايا، و نلمس التغيير الكثيير في كل ما يمس الانسان و ما هو عليه (من كافة النواحي) و هذه نتيجة طبيعية للقفزة المدوية التي يشهدها التقدم غير المسبوق لما يخص الانسان بذاته و التطورات الحاصلة في المجالات المادية الصرفة التي تدخل في شؤون معيشة الحياة الخاصة للفرد و المجتمع ككل ايضا . مهما كانت نسبة معرفتهم بالامور الباطنية غير معلومة لدى الاغلبية الساحقة من الناس من جهة، و خصوصيات و سلوك وشكل مكونات و طبيعة ما يتعاملون بهو وفقه في الحياتهم اليومية . اي بمعنى اخر، عندما انتقلت و تغيرت طبيعة و شكل معيشة الانسان تدريجيا، فكان هناك من تكهن بما يمكن ان يصل اليه العلم و المعرفة في المستقبل، الى ان اليوم ربما الوسائل المتوفرة اوضحت بشكل جلي كل ما يمكن ان يتنبأ و يستقراه و يستبطنه المختصون و جزء كبير من الملمين بشؤون الحياة العامة من الناس ايضا. ومن هنا ياتي التفكير في كيفية التعامل و العمل و التحضير لما ياتي من الاختراعات الجديدة، استنادا على ما التمسه الفرد من التغييرات الكبيرة في وقت قياسي، و من يكون في مقدمة هؤلاءالذين لهم صلة الوصل بين الواقع و الفكر و الفلسفة و ما يستثمر منها، هم من النخبة، وقبل ان يتعمم ما ياتي على كافة مكونات الشعب، اي القدوة هم من تقع عليهم المسؤولية الكبيرة و الواجب، للتعمق فيما هو خير للانسانية . بينما اليوم نحن متعلقين وسط ما تتسم به الحياة من الحداثة، فان الامور اختلطت على الخاص و العام بين المعني بالامور و المواطن البسيط منذ الوهلة الاولى لظهور ملامح التغيير دون ان تكون هناك اسبقيات من التلميح او ترسيخ للارضية الملائمة لتقبٌلها .
انه لأمر يستحق التوقف كثيرا من الجانب الفلسفي لما هو به المفكر و الخائض في دقائق الامور (و منها غير المرئية) لمسيرة حياة الانسان بشكل عام . و هذا ما يمكن التوغل في اسباره عند خوض الطريق الى الاختبارات المطلوبة لبيان و توضيح الدلائل المفروضة لصحة اي طرح جديد من المكتشفات الحديثة، و هو الطريق الوحيد الجيد و المثالي ربما لتحقيق اصحية و علمية اية مسالة مطروحة للبحث او اية نتيجة جديدة لما بحثت من اجل اظهار الحقائق و صحة التوجه و التنقل و الطرح لما هو الشاذ في النتيجة النهائية .
ان كان اليسار العلمي العلماني هو من يهتم بشكل اكبر و واضح بحياة الانسان و ما يخصه في حياته الدنيوية دون الغور في وسط فكري خيالي فيما يمكن ان يبعده عن الحياة المعيشية الواقعية، اكثر من غيره،و هو ينشد الى المساواة و العدالة الاجتماعية و يعمل من اجل بيان صحة العقل و العقلانية و الفكر السليم لدى الانسان دون التوغل عميقا في اسبار ما يمكن ان يفرض عليه الدخول في مطبات الخيال و السفسطة و متاهات اللعب بالكلام من دون الاهتمام بالجوهر الملموس، فانه يؤمن بالولوج في حقيقة الامور مبينا صحة ما كنا نسير عليه من قبل، او خطأه، رغم اعلان المسبق من قبل المثاليين لشرور البشر الفطري ، و هو ما يلبي دعوة العلماء للعمل فيما يخص الحياة البشرية استنادا على المباديء العلمية المادية الديالكتيكية المقنعة للعقلية الانسانية بعيدا عن الخيال و الطوباوية، فلنا ان نستمد العون و الدعم منه كفكر و منهج ، و به يمكن ان يوضح لدينا لب القضايا و المسائل الفلسفية المعقدة التي خاض العلماء و الفلاسفة في ثناياها التجارب العديدة في اكثر الاحيان، سواء كان عن طريق الاهتمام بكيفية عمل المدارس الفكرية المختلفة التي شهدها التاريخ او التمازج بين التطور و المكشوف جديدا اعتمادا على الطريقة الصحيحة المثبتة علميا للبحث فيما يهم الفلسفة من كافة زواياها، ام الاكتفاء بما هو الحديث و ما يبرز منه و التطور الذي اوضح ماهو الملموس من جوهر الحقائق امام المتامل و الباحث لاسترشاد من تهمه الحقيقة و مستقبل البشرية .
هنا يبرز دور العالِم قبل العارف و الزاهد، فيما تتصف به العالَم، و هو المستند على الدلائل الدامغة لكل موضوع او قضية لبيان النتيجة المطلوبة دون ترك الثغرات المحتملة، و على غير عادة العارف الذي يهتم بموضوع فكره و بحثه مستندا على المعرفة والخبرة المعيشية السطحية و الخبرة العملية البسيطة، مهما تيقن من وجود الثغرات المحتملة و السلبيات البائنة في جوهر العملية التي يهتم بها، مهما كان الاختصاص العلمي هو المطلوب للخوض في مثل تلك المهمات . اما الزاهد الدنيوي الذي يضحي بطموحاته الشخصية و حياته من اجل ما يهم العالم و الناس بشكل عام، و على غرار الزاهد الروحي مع الفرق في التفكير و العقلية ، بينما يختلى هذا بنفسه دون ان يضع في باله ما يمس مصلحته الشخصية بشيء، فانه يعمل على اساس العلم و المعرفة و الثقافة و الخبرة و الدلائل، بما يهم الحياة دون الاستناد على الاخرة و ما التصقت بها من قبل الديانات و المذاهب وما تمارس من الطقوس الدينية في تلك المجالات، و ما جريت عليها الهالات من اجل تاجيل معرفة الحقائق لمابعد الزمن و ما وراء الطبيعة . فان الزاهد الدنيوي اي العالم العلمي الفلسفي الحقيقي، يعمل من اجل التقدم و تحقيق الاهداف الدنيوية البحتة، و من اجل تحقيق و بناء الركائز الاساسية لرفاهية الانسان و سعادته الحياتية و مستقبله . فبهؤلاء الزهداء يمكن ان تشهد العالم التقدم و بخطوات رصينة قوية مزيحين امامهم من الخياليين غير العالمين بجوهر الحقائق، وهم غير معترفين بما يصرون عليه في افكارهم و توجهاتهم و اتباعهم للمناهج ،من انهم ما يقدمون عليه هو تغطية جهلهم بامور خيالية بحتة مضادة للعلم و العلمانية مجارين الحقيقة العلمية للمفاهيم و المواضيع و الامور، فالطريق امامهم موحشة،ويريدون استضاءتها بالتخيل و التشويه تعريف السراب على انه الحقيقة. بهؤلاء المعيقين للتطورتتم الدوران و تعيد نفسها في الحلقة المفرغة دون لمس ولو خطوة بسيطة من التقدم المنشود لحياة الانسان او تغييرا لعقليته نحو الاحسن من اية ناحية كانت، و يمتلك من العقلية فارضة عليه و على من على شاكلته البقاء في مساحة محدودة من التفكير و العيش و يتخيل بانه على اليقين و يخدع به نفسه و من يؤمن به، مستندا على العرض الذي ليس له قيمة فعليه و مجانبا الجوهر . و لم يحظ المهتمون و الملمون بما يتطرق اليه، وكما يعرفه هؤلاء بانه و يعلنونه على انه مجال و الطريق الى السعادة الحقيقية ، او بالاحرى مؤجلين السعادة ذاتها و ما تتميز بها حياة الانسان السعيد و من اياه الى الاخرة ، ومحيرين الناس باشكال شتى .
لذا، لابدان نعلن و نحن متيقنين باننا نحتاج الى مرشد عقلاني مليء الجوهر و اللب و هو رصين هاضم للدنيا و ما فيها، و لم نجد تلك المثالية الا في عقولنا و تفكيرنا الحقيقي الصحيح المجرد من تراكمات التاريخ من المثالية ، و خاصة في الشرق. و بجمع ما نكتشف و نعلم و نلمس و ما يكتنزه الاخر المجاور المسالم المؤمن بالمباديء الاساسية لرفاه الانسان و بتفاعلنا، يمكن ان يتمخض عنه ما يؤدي الى نضوج الثمرة الجديدة الوليدة، و التي يمكنها ان تغير العالم خلال مرحلة أو فترة قصيرة ،و هذا ما يعتمده العلماء الزهداء للتنقل و القفزة بالبشرية نحو مرحلة اخرى مخلفين ورائهم الجهل و متمشين معهم المجتمعات البشرية الصالحة متجاوزين من يعرقلهم و كل ما من شانه ان يطمسهم في وحل المثالية الخيالية التي تعيق المسيرة منذ بزوغ فجر الفلسفة و لحد الان .
عندئذ، لم تبق هناك الثغرات الحياتية المتوقعة الا عوائق بسيطة امام تفاعل العلماء و الافكار المطروحة ، و يمكن ردمها و دفع البشرية نحو الطريق السهل للتقدم ، و كل ذلك من اجل الرفاه و السعادة و الخير للبشرية نفسها و التي خلق الانسان من اجلها و من اجل ان يحظى بها، و يعيش بعيدا عن الخداع و التوهين و التنويم، و بعيدا عن الخيال والافعال و الاقوال و التراكمات الزمنية التي ربما تتحول الى سدود ، و هي ما يمكن ان تمنعه من معرفة الحقيقة الحياتية و لما يجب ان يكون فيه الانسان و الكون و الاحياء جميعا لفترة بسيطة الى ان تبدد كل المعرقلات بفعل الجهود و الزمن و التطور الحياتي الحاصل في النهاية.
 

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە