أردوغان ، من حرب الجنون إلی جنون الحرب

Tuesday, 28/10/2014, 12:00

1599 بینراوە



ما حدث فی سوریا خلال السنوات الثلاث الماضیة ، وما یحدث الآن من حرب ضروس ، ومن خراب وهدم ودمار ، فی کافة مناحی الحیاة ، وفی مختلف الصعد ، لا یمکن تسمیته إلا بحرب الجنون .
لا أعتقد هناك أحد فی الوطن السوری ، وإن لم یعلم ، بأن مسؤولیة أردوغان فی ما حدث فی سوریا ، لا تقل عن مسؤولیة بشارالأسد ، إن لم تکن أکثر منه ، لإن أردوغان هو المسؤول الأول والأخیر ، وهو المسبب الرئیس والمباشر ، لإنحراف ثورة الشعب السوری وخروجها عن مسارها الوطنی ، وعن نهجها الإنسانی . بسبب تدخلاته الکثیرة والفاضحة ، فی کل الامور بشأن ثورة الشعب السوری ، من کبیرها إلی صغیرها ، لتجنیدها لتحقیق أهدافه الخاصة به هو ، بحیث قد ظن البعض ، وکما اعتقدالآخرون ، بأن أردوغان ، هو القائد لهذه الثورة ، وهو الرائد لها ، وهو الآمر والناهی فی کل ما یتعلق بها . فکان له الکلمة الاولی ، وقول الفصل ، فی کل لقاء واجتماع . وکان له الاصبع فی کل مایحدث وما یدور ، کما وله الرأی والصدی إن غاب ولم یحضر .
لقد جعل أردوغان من أسطنبول ، مرکزا ومقرا لقیادة الإئتلاف السوری ، التی دوما ، کانت قیادة صوریة شکلیة بحتة ، وأعضاؤها کانوا بمثابة موظفین لدی الباب العالی ، ویؤتمرون بأوامر وفرمانات السلطان أردوغان ، الذی کان ولایزال یتظاهر کأنه هو الحامی الأمین ، وهو الظهیر المتین ، للشعب السوری ولثورته ، فی حین إنه کان یوجه الأحداث حسب أهوائه ، ویؤجج الصراع والمشاکل حیث ما یشاء ، ویزرع الموت والدمار کیف ما یرغب . وإنه وزع الأدوار کیفما أراد ، ووضع فی المسؤولیة من هم لعبة فی أیدیه . وعمل علی إبعاد وإهمال العناصر الوطنیة المخلصة ، ووضع ضعاف النفوس فی مواقع حساسة ، وفتح الأبواب وعلی مصراعیها للمرتزقة الأجانب ، الذین تم تسمیتهم بالمجاهدین أو بالجهادیین ، والذین هم ، فی الحقیقة لا یهمهم سوریا وأهل سوریا بشیئ ، وکل ما یهمهم هو ما یدخل إلی جیوبهم أو یضاف إلی أرصدتهم فی البنوك . واطلق العنان للجهادیین المرتزقة الأجانب ، ووضع تحت أیدیهم أحدث أنواع الأسلحة ، وعتادا بلا حساب . إن جرائم وفضائح جبهة النصرة التی کان أعضاؤها من أقرب المقربین من أردوغان ومن حکومته ، واضحة ومعلومة للجمیع ، والتی بسببها ادخل إسمها فی قائمة الإرهاب . واعتبرت المنظمة من المنظمات الإرهابیة المعروفة دولیا .
إننی أعتقد ، إننا لا نتهم أردوغان جزافا ، إن قلنا ؛ إن الداعش هی شعبة من حکومة أردوغان ، وکل داعشی هو أحد الأتباع القریبین من أردوغان بحد ذاته ، وإن رأس داعش إن لم یکن أردوغان بنفسه وبجلده وشحمه ، فبالتأکید هو توأمه الروحی والفطری ، فهو هو فی نفسیته وطبائعه ، أو نسخته بکامله ، فی طموحاته ومعتقداته ، ولذا فالداعش هی أردوغان ، وأردوغان هو الداعش ، فنری هو دائما مکملها ، کما فی محاصرة کوبانی . حیث تحاصرها الداعش من ثلاثة جهات ، وأردوغان فی الجهة الرابعة ، وکذالك إنهم أی الدواعش یکملون أردوغان ، کما فی محاولاتهم ، مثله ، فی إبادة الشعب الکوردی ، وأینما کانوا . لذا یمکننا أن نقول بأن أردوغان هو المفکر ، وهو المخطط ، وهوالمنفذ ، لایجاد داعش وإظهار داعش إلی الوجود .
إن نظرة سریعة علی الواقع الحالی لمدینة الحلب ، هی کافیة لتکوین فکرة عامة حول حجم المآسی والمأسات التی تعرضت وتتعرض لها سوریا بصورة عامة ، وهی کافیة لإصدار الحکم علی من هم السبب فی إشعال نیران هذه الحرب الهوجاءة . فإذا کان بشارالأسد ، هو المسبب والمسؤول من طرف ، فأردوغان هو المسبب والمسؤول من طرف آخر . فإذا هناك من یتهم الأسد بالدکتاتور ، فبالتأکید لا یمکن النظر إلی أردوغان کملاك ، وتبرأته من أیة تهمة ، لأن تأثیرأردوغان علی المعارضة السوریة ، لا یقل عن تأثیر الأسد علی حزب البعث ، وعلی قیادة البعث . فإذا کان بشار الأسد هو المسؤول عن ما آل إلیه الوضع فی سوریا ، وبالمقابل فإن أردوغان هو المسؤول عن غرق سوریا فی دوامة الکوارث والمأسات ، وفی حرب الجنون هذه ، بالإضافة إلی ذالك فإنه له الید الطولی فی أن یتجه الوضع فی العراق من سیئ إلی أسوأ . کما وله ضلع فی الأحداث الأخیرة فی مصر ، وحتی فی غزة . وإنه له أصبع فی الکثیر من المشاکل الاخری فی العالم الإسلامی . لأن أردوغان یعتقد ومن قرارة نفسه بأنه هو خلیفة المسلمین ، وسلطانهم المسؤول عن امة الإسلام فی العالم أجمع . وهو دوما یحلم ویتمنی ، ویعیش علی أمل ، أن یحقق أهدافه فی إحیاء الإمپراطوریة العثمانیة العتیدة . حتی وإن کلفه ذلك بإغراق شعوب المنطقة فی بحار من الدماء والدموع .
ومما زاد علی أردوغان من الطین البلة ، إستمرار المقاومة البطولیة لکوبانی وأهل کوبانی ، المقاومة التی فاجأت العالم وأذهلتهم جمیعا ، المقاومة التی کسرت شوکة ظاهرة الداعش المصطنعة والملفقة ، المقاومة التی أرغمت أنوف الدواعش ، وکل من هم وراء الدواعش فی الحضیض ، وإنها أثرت تأثیرا بالغا علی تردی نفسیة وأفکار أردوغان ، یوما بعد یوم ، وساعة بعد ساعة ، والتی أدت بالتالی علی أن یتخبط هو ، فی قراراته وتصریحاته ، خبطات عشواءة ، خبطات غیر متزنة وغیر منطقیة ، فی الآونة الأخیرة ، خاصة بعد فشل کل محاولة ، من محاولات الدواعش ، التی لا تعد ولا تحصی ، خلال أکثر من إثنان وأربعون یوما ، لإختراق کوبانی وإحتلالها . کوبانی التی هی العقدة التی جنت جنون أردوغان ، کوبانی التی ینظر إلیها أردوغان علی أنها هی التی تمنعه من الوصول إلی مآربه ، وتحقیق أهدافه .
ففی حالة کهذه ، وفی الظروف والأوضاع السائدة ، لیس بعیدا ، أن تتعرض المنطقة بمجملها لعواصف حرب ضروس ، حرب یصعب السیطرة علیها والتحکم بعواقبها . حرب قد تحرق الأخضر والیابس بجنونها ، وجنون من یزکی من نیرانها ، ومن ینفخ بها . والسؤال هنا ، مالذی دفع بأردوغان لیقتحم ببلاده فی حرب الجنون هذه ؟ ، ومن الذی بإمکانه أن یمنع أردوغان من تحویل هذه الحرب ، من حرب الجنون إلی جنون الحرب ؟ .

٢٨ / ١٠ / ٢٠١٤



نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە