أ هم ، خدم الشعب ؟ أم لعنات القدر؟

Tuesday, 18/11/2014, 12:00

1714 بینراوە


حسب المنطق ، وبموجب النظام المتبع ، والعرف الشائع ، وطبقا للعادات والتقالید الموروثة ، کل من علی قمة هرم السلطة ، سواء أکان رئیس الدولة ، أو الملك ، أو أیة تسمیة اخری یطلقونها علیهم ، فهو رب الاسرة ، أی إنه یمثل الأب فی العائلة ، وهذه الصفة أو التسمیة تحدد وتعین وبدقة متناهیة للغایة ، مهمة المنصب ونوعیتها ، وعلی أن المنصب هو خدمی بحت ، وإذا کان له أیة إمتیازات خاصة ، فهی لمراعات نوعا ما ، إلی درجة ، مع نوعیة المهمة الموکل به . أی أن الموقع هو خدمی صرف ، ولیس أمتیاز وسیادی صرف مطلقا .
لکن الحقیقة فی دول الشرق الأوسط ، فی أغلب الأحیان ، وفی معظم الظروف ، هی شیئ آخر ومعکوس تماما للمنطق ، فینظر إلی الموقع علی إنه إمتیاز وسیادی صرف ، ویهمل ، وحتی ینسی فی الکثیر من الحالات ، المهمة الأساسیة للموقع . لذا لقد أصبح من البدیهی ، بعد أن یفوز أحد ما بالمنصب ، فالشئ الوحید الذی یشغل فکره ، ویکون مهمته الرئیسیة ، هو التفکیر والتخطیط والعمل بجد للإحتفاظ بالموقع ، علی مدی الحیاة ،لا لنفسه فقط ، بل ربما لجعله مملوکا وبالطابو ، لأولاده ، وربما لأولاد أولاده ، وأحفاده ولأجیال .
والغریب فی الأمر ، ، والذی خرج من طور الغرابة ، وأصبح طبیعیا ، لکثرة الحدوث والتکرار ، فبمجرد تسنم الشخص زمام السلطة ، یفقد نفسه ، ویتغیر تماما ، ویصبح هو شخصا اخر . غیر الذی کان من قبل . فأول تغییر یطرأ علیه ، یحدث فی أفکاره ، وفی مخیلته ، فیبدأ بالهلوسة ، بأنه شخص غیر إعتیادی ، إنسان غیر طبیعی ، وإنه مخلوق فوق البشر ، فهو إذا لم یتصور بأنه إله ، فإنه بدون شك یؤمن ، ومن قرارة نفسه ، بأنه خلیفة الله فی الأرض ، کما فی أردوغان ، الذی هو کان خلیفة الدول الغربیة کذالك ، وکان ینظر إلیه ، وتتعلق الآمال به ، ویراهنون علیه ، علی أنه شخص مؤهل لإحداث تغییر جذری وشامل فی أنظمة الحکم فی منطقة الشرق الأوسط .
والأغرب من الغریب ، إن الغالبیة العظمی و الساحقة ، من أصحاب السلطة ، إلا قلة نادرة ، کما کانوافی الماضی وکما فی الحاضر ، سواء شاؤو أم أبوا ، هم ذو نفسیات ، وطبائع ، وسلوکیات ، قریبة جدا ، لحد التشابه التام ، مع نمرود ، ومع الفراعنة . فهذه الخاصیة ظاهرة علیهم ، ومتغلبة فیهم وعلی الکثیر الکثیر منهم .
والمعلوم لدی الناس ، إن هذا الموقع أصبح محصورا لدی فئة من الناس المغامرین والمشکوکین ، خصوصا المشکوکین فیهم فی الوطنیة . والطریف فی هذه الأیام ، إنه من الصعب ایجاد شخص واحد ، وفی أیة دولة من دول المنطقنة ، یکون لدیه القناعة التامة ، بأن الشخص الذی هو علی قمة هرم ، قد وصل هو إلیها بکفاءته وبقابلیاته الشخصیة ، وبدون مساعدة طرف ، أو دفع جهة ما . لذا قد یری من بینهم من هم غیر جدیر بأن یکون رب العائلة . لأن رب العائلة ینبغی علیه علی الأقل ، أن یتعامل مع أفراد عائلته تعاملا إنسانیا ، لکن مع الأسف الشدید نری الکثیر الکثیر من الحکام لا یتوفر فیهم هذه الخاصیة ، رغم ذالك إنهم یتحکمون برقاب الناس . هذه هی المشکلة التی یعانی منها شعوب الشرق الأوسط أجمع ، منذ مئات السنین . ولکی یکون القارئ الکریم علی بینة ، سنتطرق إلی حبة من بیدر الأسرار والخبایا ، لبعض الحکام . ونبدأ بالسید أردوغان ، لأنه هو مرشح الدول الغربیة ، علی إعتبار إنه موضع الأمل لإعادة إستتباب الأمن والإستقرار إلی منطقة الشرق الأوسط .

أردوغان ، جزء من المشکلة ، وهو مشکلة فی کل مشکلة من المشاکل
لقد منح السید أردوغان الحق ، کل الحق لنفسه ، بدون أی وجه حق ، لیکون هو جزء من المشکلة السوریة . وأن یکون له الدور البارز ، الدور الذی یریده هو، فی مجمل الأحداث والمستجدات علی الساحة برمتها . وإنه أصر وبعناد ، علی أن یکون له الکلمة المسموعة ، فی کل صغیرة وکبیرة ، وبدون نقاش أو جدال . وفعلا إنه جعل من نفسه طرفا کاملا فی المعادلة ، لیس کممثل فعلی وحقیقی ، للشعب السوری ، بل کالمرجع الشرعی والوحید لهم ، فی صراعهم مع سلطة الدکتاتور بشار الأسد . مثلما حاول هو من قبل ، وعلی المکشوف ، أن یلعب دور میشیل عفلق ، لیکون الأب لأیتام البعث ، بعد سقوط صدام حسین ، لا الأب بالتبنی ، أوالأب الروحی ، بل الأب الملزم شرعا ، والمکلف بواجب الرعایة والإشراف علی الأیتام القاصرین . لاستعمالهم کوسیلة لتحقیق مآربه ، لیکون له الدور المؤثرعلی المسرح العراقی .
کما وإنه نجح نجاحا یستحق الذکر ، بسهولة الضحك علی ذقون بعض البسطاء والسذج من الکورد ، بإقناعهم بضمان توفیر الحمایة والأمن لهم عند تعرضهم لأی خطر أو تهدید . بغیة إستعمالهم کسلاح یهدد به العراق عند اللزوم .
وقبل بضع سنوات ، العالم کان شاهدا ، لدور أردوغان فی القضیة الفلسطینیة ، عندما عرض الوساطة بین إسرائیل والسلطة الفلسطینیة ، لکن الواضح إنه لم یکن وسیطا بما تعنی الکلمة ، لذالك لم تثمر وساطته بشیئ . ولم یمر وقت کثیر حتی أصبح هو المحامی والمدعی العام لفلسطین وللفلسطینیین . وأخیرا لقد رأینا بام أعیننا ، بأنه أصبح جزءا من القضیة ، حیث أرسل ببعض المساعدات لغزة عمدا والغرض کان معلوما . فقضیة السفینة مرمرة هی معلومة للجمیع ، فإنها إن لم یکن الغرض منها هو التحرش بإسرائیل وإستفزازها ، فبالتأکید هو إحراچ إسرائیل أمام الرأی العام العالمی واتهامها بالطابع العدوانی تجاه الشعب الفلسطینی .
دأب أردوغان ، منذ تسنمه لزمام الامور فی ترکیا ، علی أن یکون له الحضورالدائم فی کل ساحة وفی کل مسرح ، بمناسبة أو بدون مناسبة . فجعل من أسطنبول ، کامب دیڤید لمفاوضات المسألة النوویة بین ایران والدول الغربیة ، فتصرف کأنه هو المعنی ، وإنه هوصاحب القضیة من الطرفین . فمثلما قال السیاسی الکوردی البارع صلاح الدین دیمرتاش مڕة عنه ؛ أردوغان یرید أن یتفاوض ، ولکن شریطة أن یکون هو نفسه علی جانبی المائدة ، ونتیجة التفاوض برهنت علی أن أردوغان فی الظاهر شیئ وفی الباطن هو شیئ آخر تماما . کما وأقحم أردوغان بنفسه ، فی مشکلة مصر، وفی المشکلة اللیبیة ، وفی قضیة أبناء عمومته الشیشانیین ، وکذالك فی المشکلة الأفغانیة ، وفی بعض المشاکل فی الدول الأفریقیة ، کإرسال شحنات من الأسلحة . وأخیرا ولیس آخرا .
أما أردوغان والداعش ، فقد أصبحا کتوأم لا یمکن فصلهما وتمییزهما بأی شکل من الأشکال ، لشدة الترابط الموجود فیما بینهما. فلا یمکن النظر إلی أردوغان دون أن تری داعش ، بلحمه وشحمه ، کما ولا یمکن التکلم عن داعش دون ذکر أردوغان وحکومته . خلاصة القول إن أردوغان ، هو جزء من المشکلة ، فی کل مشکلة من المشاکل الموجودة فی منطقة ا لشرق الأوسط ، وفی البلاد الإسلامیة عامة .

بشار الأسد ، هو لیس إلا لعنة القدر
لقد بذلت قصاری جهدی ، وحاولت کل ما فی وسعی ، ولأیام ، لأجد الکلمات المناسبة ، والعبارات الملائمة ، لوصف الأسد ، حق الوصف . ولم أجد غیر عبارة ؛ هو لیس إلا لعنة القدر ، تعرض لها الشعب السوری . وإنه أی بشار لحقا ، مخلوق غریب وشاذ ، ینعدم فیه تماما ، کل ما هو فی الإنسان . فإذا أسمیناه فی سبیل المثال ، بمصاص الدماء ، أو بالجزار ، أو السفاح ، أو الجلاد ، فإنه یدل علی عدم الموفقیة والنجاح ، فی وصفه ونعته ، کذلك فی قصاصه بما یستحق . فالمسمیات والنعوتات المار ذکرها ، تعنی ما تعنی ، بأن فلانا شخص منحرف وودموی وسفاك ، وأنه قد یشکل خطرا حقیقیا ، علی حیاة العدید من الناس ، ربما العشرات ، أو قد تتعدی المئات ، لکن بشار هو بحق وباء أفنی فناءا تاما حیاة مئات الألاف من الناس ، وجعل من الوطن السوری بطوله وعرضه ، جحیما لا یطاق . لقد شرد الملایین من الناس ، والبقیة الباقیة یعیش حیاة البؤس والکوارث والمأسات .
کما ولیس من العدل أن نطلق علی بشار مثلا ، ونصفه بالوحش ، لأنه ظلم وما بعده من ظلم بالوحش . لأننا نری یومیا ، ملأ أعیننا ، بأن للکثیر الکثیر من الحیوانات الوحشیة ، نوعا وقدرا ، من الرحمة ، هی غیر موجودة أصلا ، لدی الأغلبیة الساحقة من بنی البشر . أما الذین هم من طراز بشار الأسد فلا یمکن إعتبارهم بأنهم من بنی البشر ، لأن ما یتمیز به البشر هو الإنسانیة فقط ، فکل من تجرد من هذه الصفة الإنسانیة ، فلا یمکن إعتباره کأنسان ، ولا النظر إلیه کبشر . ولو کان بشار إنسانا ولدیه‌ ذرة من الحس والشعور الإنسانی لما رضی أن یتعرض ما تعرض له وطنه ، ولا رضی أن یری أهله وذویه أن یغرقوا فی بحار من الدماء الدموع ، وهو جالس علی عرشه ، یعیش فی قصوره حیاة البذخ والترف . وکأن شیئا لم یکن ، ولم یحدث مطلقا .
لا بد هناك من یتخیل فی ذهنه ، لو فرضنا إن بشارا قد اتبع الرشد ، واختار سبیلا غیر الذی سلکه ، أما کان أفضل له وأفضل لوطنه ولشعبه ؟. وأما آن الأوان ، بعد طول هذه المدة ، للکف عن اتباع الاسلوب الذی اختاره ، خاصة بعد ما تبین وبالدلیل القاطع ، والبرهان الساطع ، فشله وعدم جدواه . وماذا کان یخسر بشار لو لم یلجأ هو إلی إستعمال القوة ؟ . ربما کان یخسر کرسی الرئاسة ؟ ، عجبا هل یمکن مقارنة کرسی الرئاسة بالوطن وما فیه ، من مجموع الشعب ، وتاریخ طویل وزاخر من المقدسات ؟ .
إن مجرد إختیار بشار لکرسی الرئاسة علی الوطن والشعب ، هو تهمة لا تغتفر ، وهی الخیانة العظمی بحق الشعب والوطن . فلو کان بشار إنسانا !! ، ووطنیا !! ، ومواطنا محبا لشعبه ووطنه ، لضحی لا بکرسیه فقط ، بل وبنفسه وبأفراد عائلته جمیعا ، فی سبیل الحفاظ علی الشعب والوطن ، وفی سبیل سلامتهما ، ولإبعادهما من تعرضهما للمخاطر والکوارث .

----------
یتبع

١٧/١١ /٢٠١٤

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە