المعارضة وتجربتها الحديثة في كوردستان

Sunday, 03/01/2010, 12:00

1426 بینراوە


مما لا شك فيه أن نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في كوردستان السنة الماضية تعد انعطافة تاريخية لا سابق لها في تاريخ الحركة السياسية الكوردية, نظراً لظهور المعارضة على الساحة السياسية الكوردية وبصورة مفاجئة. المفاجئة فيها كانت ظهور حركة جماهيرية غير منظمة بالرغم من انها ولدت نتيجة لانشقاقات في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني, ألا أنها اصبحت بعد ذلك حركة يبني جزء من الشعب الكردي عليها الآمال بهدف تداول السلطة ومعرفة من هو اكفأ لإدارته وتلبية متطلباته او ربما بغية التخلص من قبضة الحزبين الرئيسيين. حتى ان المراقبون السياسيون لم يتوقعوا تلك المفاجئة لان من كان يعتبر نفسه معارضاً في كردستان فإنه يعني بذلك معاداته للحزبين اللذين يحكمان الساحة السياسية الكردستانية منذ امد بعيد.

وربما يدعي البعض بان ظهور حركة التغيير قبل الانتخابات بفترة وجيزة ودخولها معركة الانتخابات كانت بمثابة ضربة قاضية لحزب الرئيس جلال الطالباني اولاً, والحزب الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس الاقليم والدليل ان الأخير على وشك الوقوع في نفس المشكلة التي يعاني منها الاتحاد الوطني. إلا ان رايي الشخصي يختلف, فباعتقادي ان الساحة السياسية الكردية كانت تنقصها المعارضة ولا ادعي ان الحكومات الكردية في كردستان وعلى مدى ما يقارب العقدين كانت ناحجة بل انها مرت بظروف وازمات واخفاقات لا تُعد ولا تُحصى وبالرغم من كل ذلك حاولت ان تقدم نموذجا مقبولا للشعب الكوردي فإن كانت قد نجحت او فشلت في ذلك فإن النتيجة وان كانت مرة يتحملها كل الجهات المشاركة في الحكم مضافاً إليه الشعب.

لأن الشعب هو العامل المؤثر والقوي على الحكومة في حال غياب المعارضة. والكل يعلم أن تجربة المعارضة هي تجربة جديدة بل غريبة عندنا وربما غير مقبولة لدى البعض وهذا ما يمكن للمراقب ان يلتمسه من خلال التشنجات الموجودة بين الكتل السيادية (المشاركة في السلطة) والكتل المعارضة في البرلمان الكردستاني. وأتمنى لو أن الكتل السيادية او الكتل المشاركة في الحكومة تتحلى بمزيد من الثقافة السياسية وبالأخص معنى المعارضة ودور المعارضة والهدف الاساسي للمعارضة.

إضافة الى ان الكتل المعارضة يجب عليها ان تتحلى بمزيد من الصبر وضبط النفس ويجب ان يتفهموا ان تجربة المعارضة في كوردستاننا هي تجربة حديثة ووليدة والاهم من كل هذا عليهم ان يعرفوا مدى فهم الجهة المقابلة لمعنى المعارضة ومدى مستواهم الثقافي السياسي.

وكما هو معروف فإن ظهور المعارضة في كوردستان كانت بإرادة جماهيرية إضافة الى من كان يديرها. حيث ان الشعب اصابه الملل من كثرة الوعود البراقة والخداعة التي كانت الحكومة والجهات السياسية تستخدمها قبل الخوض في كل حملة انتخابية والتي ما عاد يصدقه القاصي والداني, وكذلك السيناريوهات المكررة والتي حفظ الشعب كل تلك السيناريوهات على ظهر قلبه لذا فإن الشعب اردا من السلطة المتمثلة بالحزبين الرئيسيين مراجعة سياساتهم تلك.

فظهور المعارضة كنتيجة عرضية لتلك المعادلة باتت غير مستساغة وغير مقبولة, بل وانه أي المعارضة في نظر الكثيرين ممن يؤيدون الحزبين الرئيسيين في كوردستان هو تهديد لوجودهم, لذا ما عليهم سوى معاداة اعضاءها وهذا خطأ فادح وقعوا فيه والأفضل لاعظاء ومؤيدوا المعارضة في كردستان ان يعقدوا جلسات واجتماعات او ورش عمل بهدف إصلاح سوء الظن لدى البعض وبالتالي ومحاولة المام الناس بمعنى المعارضة واهم اهدافها السامية في تقدم البلاد وتطورها وبالنتيجة فإن المعارضة ستكون مستساغة ومعروفة الاهداف لدى عامة الناس.

وما لا يخفى على احد فإن المعارضة في كل دول العالم تعد هي الوجه الآخر للسلطة أو كما يسمونها سياسياً (حكومة الظل) تعمل على مراقبة أداء الحكومة وتقييمها وتصحيح الخلل والتنبيه من ارتكاب الأخطاء التي قد تقع بها الحكومة وأجهزتها ونظرا لمحدودية معرفة البعض بالسياسة رغم عملهم السياسي فقد اتهموا المعارضة بالخيانة لمجرد سماعهم بـ(حكومة الظل) وحتى ان لجنة النزاهة التي من المعلوم والمفروض ان تكون من حصة المعارضة فقد ُسلبت واصبحت من نصيب الكتلة السيادية في البرلمان وكأنهم طبقوا عبارة (الخصم هو الحكم)..

ومما يجدر اليه الإشارة, فإن المعارضة في البرلمان والحكومة يجب إن تصب أعمالهما وأقوالهما في قالب الصالح العام للوطن والمواطن فلا تصادم ولا تعارض بينهما إلا لمصلحة الوطن والشعب. أما إذا كانت الأعمال التي تقوم بها الحكومة وأجهزتها ضد مصلحة الوطن العليا والشعب فمن هنا تبدأ المعارضة إجراءاتها القانونية ضد الحكومة من خلال القنوات المشروعة التي من المؤسف انها غائبة وغير موجودة في كردستان والتي يجب على الكتل البرلمانية المعارضة المطالبة بتأسيس تلك القنوات. كل هذا متعارف عليه دستوريا في دول العالم اجمع إلا في كوردستان فنتيجة للجهل بعلم السياسة فإن المعارضة في قاموسهم هي العداء للحكومة.

وجميع الأنظمة السياسية في الشعوب والأمم المتطورة تعمل على تفعيل دور المعارضة ورعايته وتطويره كونه يشكل عموداً أساسياً في حماية النظام السياسي من كل هفوة قد تقوده الى السقوط في غاوية آخر المطاف.

وهذا يعني ان المعارضة ودورها لا يشكل خطرا على الحركة السياسية او الحكومة او محاولة اسقاطها بل ان دوره هو اعطاء الديمومة للحكومة في ان يجعلها اكثر حكمة وبعيدة عن تاثير الحزب او أناس يجهلون معنى السياسة.

وبالتالي فإن قوة الحكومة في كل دول العالم تُقاس بمدى قوة وفاعلية المعارضة ومدى فاعليتها في مراقبة الاجهزة الحكومية وإرشادها الى حيث الصواب. وعلى هذا المنوال يتوجب على الحكومة الحالية وفي ظل وجود المعارضة ان تكون ملازمة ومؤيدة لدور المعارضة ومحاولة الاستفادة منهم, وان يضعوا ايديهم على اماكن النزف والجرح التي يعاني منها الشعب.
استراليا

[email protected]

[email protected]

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست


چەند بابەتێکی پێشتری نووسەر




کۆمێنت بنووسە